خريبكة_أشرف لكنيزي
احتضنت محكمة الاستئناف بخريبكة، زوال أمس الخميس 25 ماي الجاري، حفل توقيع كتاب النقيب عبد الرحيم الجامعي الموسوم “دفاعا عن المحاكمة العادلة: دور المحامي بين التأصيل المعرفي والتمكين العلمي” نظمته هيئة المحامين بخريبكة ومحكمة الإستئناف بخريبكة.
في كلمته الافتتاحية، اعتبر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بخريبكة، ” أن المحاكمة العادلة من أبرز الأعمدة التي تهدف إلى حماية الإنسان من كل ما يمكن أن يمس بحقوقه وكرامته بدءا من لحظة ايقافه والبحث معه تمهيديا مرورا باستنطاقه من طرف النيابة العامة وهيئة التحقيق، وصولا إلى مرحلة المحاكمة ابتدائيا واستئنافيا، ولعل ما يميز المحاكمة العادلة هو ما يصاحب هاته المرحلة من سلامة الإجراءات المسطرية عند محاكمة الأشخاص، ومدى تقيدها بالضابط القانوني والمسطري المنسجم مع المبادئ والمواثيق المتفق عليها والتي تضمن وتصون حقوق الأفراد”.
وأضاف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بخريبكة “أن المملكة المغربية سائرة في هذا التوجه، لتطوير الترسانة القانونية نظرا لما تعرفه البلاد من تكريس لمناخ الحرية وصون لحقوق الانسان وترسيخ للمنهجية الديموقراطية تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وآيده، حيث دعا جلالته في أول خطاب له بمناسبة عيد العرش المجيد سنة 1999 إلى ترسيخ دعائم دولة الحق والقانون، وجعل من إصلاح منظومة العدالة ورشا شموليا ورافعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، مستحضرا أحد فقرات هذا الكتب موضوع النقاش العلمي تحدث فيها المؤلف عن العدالة كمعركة خاضتها الإنسانية في الحاضر والمستقبل، فكان القضاة والمحامون جنودها وخيرة طلائعها ، وشكلت المحاكم ساحات الوغى وبناء الوعي وضمان وصمام امان للاستقرار والتنمية، معتبرا أن الجميع من قضاة ومحامون وحقوقيون يعيشون هاته المعركة جنبا إلى جنب”.
وقد تقدم الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بخريبكة في معرض كلمته بخالص الشكر وعظيم الامتنان لهيئة المحامين بخريبكة في شخص رئيسها ومجلسها، على حسن تنظيم اللقاء وموعده وقيمة المحتفى به وبمؤلفه مؤكدا على أن محكمة الإستئناف لم تتردد في قبول تنظيمه وتثمينه خاصة وأن صاحب الكتاب هو محامي من العيار الثقيل، كرس حياته لخدمة العدالة على جميع مستوياتها، مشيرا الى حضوره اللافت في جميع التظاهرات الفكرية، والندوات العلمية وكتاباته في الصحف والمجلات، وغزاره انتاجه القانوني الذي يؤكد انشغال الرجل بقضايا العدالة ومن ورائها بقضايا الوطن.
وأضاف السيد الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بخريبكة، “أن توطئة الكتاب تظهر سعي الكاتب الحثيث واللامحدود إلى ترسيخ الدور المهني للمحامي، المهنة التي عشقها الكاتب، واعترافه بوجود صعوبة بين الإيمان بالفكرة والواقع، هو بديهي ومن باب تحصيل حاصل: فالنفس البشرية تتوق دائما إلى تمثل الصورة الفضلى للعدل في أبهى تجلياته، معتبرا أن الدفاع عن المحاكمة العادلة في نظره يقتضي باختصار تعقب مسيرة و مسار الأستاذ النقيب الجامعي، المحامي، المناضل والحقوقي الوطني المؤمن برسالته”.
الدكتور علال البصرواي نقيب هيئة المحامين بخريبكة، اعتبر أن إضفاء وصفٍ عن المحاكمة والقول أنها محاكمة عادلة يوحي بأن هناك محاكمة أخرى غير عادلة، وتفاعلا مع كتاب النقيب عبد الرحيم الجامعي “دفاعا عن المحاكمة العادلة دور المحامي بين التأصيل المعرفي والتمكين العلمي” تقاسم النقيب علال البصراوي مع لفيف الحضور ملاحظتين “أولها أن الحديث عن شروط المحاكمة العادلة، باعتبارها آلية لتطبيق القانون من أجل الوصول للعدالة، أصبحت بحاجة للحديث عن القانون بنفسه، فالقانون العادل كأحد الركائز الأساسية للمحاكمة العادلة باعتبار المحاكمة في المغرب كباقي دول العالم تقوم على الإثبات، هذا الأخير هو موضوع تساؤلات سواء في المجال المدني الذي لازال يقوم على (الشهود)، لذلك فنحن اليوم بحاجة للحديث عن القانون العادل، كمثال ظهير 1984 حينما يتوفى شخص في حادثة سير، ويعوض بمبلغ زهيد جدا لا علاقة له بالعدل، وإنما تم تحديده وفق معايير معينة من طرف شركات التأمين، قانون الجميع يقر أنه غير عادل، كيف يمكن إجراء محاكمة عادلة على أساس قانون غير عادل”.
وثانيها ” هل يمكن أن نستمر في الحديث عن المحاكمة العادلة بتزامن مع ما أصبح يُتَداول حول النجاعة القضائية؟ هل يمكن الجمع بين المحاكمة العادلة وهي تفترض شروطا، وفي نفس الوقت يطلب من القضاء أن يبت في أكبر عدد من القضايا، وفي زمن معين، بغض النظر عن توفر كل الشروط؟
لأستاذ عبد الصمد خشيع محامي بهيئة خريبكة، اعتبر من خلال قراءته للجانب الشكلي والمسطري للكتاب موضوع النقاش العلمي ” على أن الموضوع حديث ذو شجون، لأنه مرتبط بالمواطن، بحقوق الإنسان، بالحرية وكذا بالإجراءات المسطرية، بالقانون الجنائي وبالعمل القضائي بدرجاته المختلفة منها المحاكم الزجرية الابتدائية، ومحاكم الإستئناف الجنائية ثم محكمة النقض، قد ان يردف بالقول أن المحاكمة العادلة لها شروطها، دوافعها وعواملها التي ساهمت في إخفاقها وعواملها التي تساهم في إنجاحها ومن جملتها إعطاء ضمانات للمحاكمة الكفيلة بضمان الحرية، والحقوق على مستوى الإجراءات ومستوى المحاكمة.
من جهته أوضح صاحب كتاب “دفاعا عن المحاكمة العادلة دور المحامي بين التأصيل المعرفي والتمكين العلمي” النقيب عبد الرحيم الجامعي أن هذا العمل قد تم “بخلفيات مهنية مستوحاة من تجربة في مجال الدفاع، وما وفرته من فرص ومعطيات واستنتاجات بالوعي والإنتاج بالحذر واليقظة، اللازمين لعالَم المحاكمات، وفضاءات القضاء ودرجاته، ومن خلال الاحتكاك مع النصوص والقوانين، وبالتفاعل العميق مع الأحكام والقرارات القضائية، وبالأخص المتعلقة بالقضاء الجنائي”.
وأضاف الجامعي: “سعيت طيلة حياتي المهنية إلى البحث حول دور المحامي في إطار المحاكمة العادلة، في ضوء الفقه القانوني والبحث الأكاديمي، والأنظمة القانونية والقضائية بمدارسها التقليدية والمعاصرة حيث ظل اعتقادي بأن كل محاكمة ذات طابع جنائي، في صورها وأبعادها، صورة لواقع المؤسسات، ولوعي المجتمع، ولحظة من تاريخ الوطن واختياراته وسياساته العمومية، ومؤشر على نمط تفكير وعقليات سلطاته وحكامه وفي المقدمة منها السلطة القضائية”.