زنقة36
في زمن تطغى فيه الفوضى على التنظيم، وتغيب فيه المؤسسات الوسيطة التي تدافع عن الفاعلين الصغار أمام هيمنة “السلطة” ومصالح رأس المال، يخرج إلى العلن كيان جديد: الجمعية الوطنية لمربي خيول السباق. تأسست بمدينة الجديدة، بعد سنوات من التيه التنظيمي والصوت المبحوح للمربين الذين ظلوا يشتغلون في الظل، بلا تأطير، بلا تمثيل، وبلا حماية.
أكثر من 100 مربي حضروا اللقاء التأسيسي، ليس فقط ليصفقوا أو يصوروا، ولكن ليقولوا إن القطاع يستحق أن يُسمع له، وأن ينظَّم من الداخل، لا من فوق. في بلد حيث تربية الخيول ليست فقط رياضة، بل جزء من التاريخ، من التراث، من المخزن حتى… تأتي هذه الجمعية كخطوة جريئة ضد عشوائية التدبير والزبونية التي طالما أنهكت الميدان.
تمت المصادقة على القانون الأساسي، الذي – حسب المعطيات الأولية – يروم حماية مصالح المربين، وتطوير أساليب التسيير، وتشجيع الممارسات المهنية الجادة. مقر الجمعية سيكون بمدينة الخميسات، الحاضنة الطبيعية لتربية خيول السباق، والمجال الترابي الذي يعرفه الميدان عن ظهر قلب.
مروان لحموش انتُخب رئيساً. اسم قد لا يعني الكثير في بورصة السياسة، لكنه اليوم يراهن على ما هو أثمن: إعادة الاعتبار للمُربي، وتنظيف الحقل من شوائب الريع والفوضى. معه في المكتب أسماء منها طارق ككاتب عام، والكجل وجلال وبناني نواباً، وأنس منتصر وغرابة كأعضاء.
التحدي الآن ليس في تشكيل المكتب، بل في ما بعد التأسيس. هل ستكون الجمعية صوتاً مستقلاً، قادراً على فرض رؤية تشاركية تنبني على مصلحة المربي لا على إملاءات فوقية؟ هل نرى ميثاقاً أخلاقياً لمهنة بدأت تتآكل تحت ضغط السوق ومضمار الربح السريع؟
المكتب الجديد وعد ببرامج تكوين وتأطير، وبأنشطة دورية، وبلقاءات لتبادل الخبرات. جميل. لكن الأجمل أن تنجح هذه الجمعية في أن تكون منصة فعل، لا فقط منصة صور ومناسبات.
في بلد تعوّد على أن تكون الجمعيات مجرد أختام، فإن هذه الخطوة قد تكون بداية لخلق توازن جديد داخل قطاع ظل لسنوات رهين العرف والسلطة والتعليمات. مربي الخيول قرروا أن يتحركوا. السؤال الآن: هل يُسمح لهم بذلك؟
