بقلم: البصري عديل
في جو حماسي وتحت شعار «من أجل مواطنة دامجة»، استضافت مدينة السعيدية يوم 18 أكتوبر 2025 حدثًا فارقًا في مسار حزب القوات المواطنة، إذ شهد المؤتمر الاستثنائي حضورًا واسعًا يفوق 800 مؤتمر ومؤتمرة من مختلف أنحاء المملكة، مع بروز خاص للنساء والشباب، خاصة من الأقاليم الصحراوية.
بدأ المؤتمر بجلسة عامة رسمت روح الوحدة والانفتاح، حيث تخللها تلاوة آيات من القرآن الكريم، رفع للنشيد الوطني، وكلمات مؤثرة للرئيسة التحضيرية وممثلات النساء والشباب، فضلاً عن ممثل الجالية المغربية بالمتجر وكلمة ختامية لأحد رجالات المنطقة. هذا التنوّع في الخطابات أكد سعي الحزب نحو شمولية فكرية وتمثيلية حقيقية لكل فئات المجتمع.
لم يلق المؤتمر اهتمامًا فقط في الخطابات، بل انتقل بسرعة إلى الممارسة الديمقراطية من خلال اقتراح ومناقشة تعديلات جذرية على القانون الأساسي، أبرزها تنظيم المكتب السياسي وتوسيع صلاحيات الأمين العام في تعيين كوطات خاصة. وقد صادق الجميع بالإجماع على هذه التعديلات، مما يعكس توافقًا داخليًا يعزز الانسجام التنظيمي.
شهدت انتخابات الأمين العام تنافسًا شريفًا بين الدكتور واءل محمد عواد والأخ أحمد ولد الصغير، انتهى باختيار الأغلبية الدكتور عواد في رسالة واضحة بأن الحزب يراهن على قيادة متجددة تسند آمال الأفكار الجديدة. كما صادق المؤتمر على تشكيلة المجلس الوطني المتكونة من 70 عضواً يضمنون تمثيلًا عدالياً جهوياً، وانتخاب رئيس المجلس أحمد ولد الصغير، إضافة إلى 11 عضواً في المكتب السياسي من نساء وشباب أثبتوا حضورهم وثقتهم بالمهمة.
الورقة السياسية التي صدرت عن المؤتمر جاءت متقدمة تجاه هذه الفئات، مما يؤشر إلى توجه الحزب في الاستجابة لتطلعات المواطنين وخاصة الشباب والنساء، باعتبارهم دعائم أساسية لتحقيق التغيير المجتمعي ولعب أدوار فعالة في صنع القرار.
المستقبل يبدو واعدًا للقوات المواطنة التي ناضلت لتصبح كيانًا سياسيًا يعبر عن حيوية وتطلعات الشعب المغربي. إن هذه الخطوات التنظيمية والسياسية تبشر بإحداث نقلة نوعية في الممارسة السياسية، خاصة مع إدراك الحزب لقوة الشباب وضرورة تمكين المرأة، مما سيساهم في بناء مشروع سياسي مواطني حقيقي قائم على الشفافية والمساواة والحكامة الديمقراطية.
إن رهان القوات المواطنة على الشباب والنساء يفتح نافذة أمل جديدة في المشهد المغربي، ويعزز مفهوم المواطنة الدامجة التي لا تترك أحدًا خارج دائرة المشاركة الوطنية، وهو ما يؤكد أن الحزب ليس مجرد تنظيم سياسي بل حركة تغيير حقيقية تستمد قوتها من نبض الشارع وطاقات أجياله.