غياب الوزراء عن جلسات البرلمان: بين الممارسة السياسية والنصوص الدستورية بقلم الطالب الباحث في العلوم السياسية

5 مايو 2025
غياب الوزراء عن جلسات البرلمان: بين الممارسة السياسية والنصوص الدستورية بقلم الطالب الباحث في العلوم السياسية

عبد الكريم ناصري

يشكل غياب الوزراء عن جلسات البرلمان، خاصة جلسات المساءلة الأسبوعية، ظاهرة متكررة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط السياسية والإعلامية. مثل ما وقع خلال جلسة اليوم بمجلس النواب من تراشق بين الأغلبية والمعارضة، هذا الغياب يطرح عدة تساؤلات حول مدى احترام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومدى التزام الحكومة بالقيام بواجبها في التواصل مع المؤسسة التشريعية، التي تمثل إرادة الشعب.
فإذا تحدثنا عن الإطار الدستوري فإن دستور 2011 جاء ليكرس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويعزز دور البرلمان في مراقبة العمل الحكومي. وينص الفصل 100 من الدستور على ما يلي:
“يخصص البرلمان جلسة أسبوعية لأسئلة أعضاء البرلمان وأجوبة الحكومة. وتكون أجوبة الحكومة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، المقدمة من قبل فرق المعارضة، إلزامية مرة في الشهر، وتخصص لها جلسة واحدة على الأقل.”
ويفهم من هذا الفصل أن حضور الوزراء، خاصة رئيس الحكومة أو الوزراء المعنيين بالقطاعات، أمر ضروري لضمان تفعيل الرقابة البرلمانية.
بالإضافة إلى القوانين التنظيمية مثل القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، يُلزم أعضاء الحكومة بالحضور في البرلمان للإجابة عن أسئلة النواب والمستشارين، خاصة تلك المتعلقة بالسياسة العمومية.
لكن على أرض الواقع، تُسجل تقارير البرلمان والفرق البرلمانية، خصوصًا فرق المعارضة، تكرار غياب الوزراء يُضعف من جدية الجلسات وفعاليتها. وقد عبّر العديد من النواب عن استيائهم من هذا السلوك الذي يُعد تقليلاً من شأن المؤسسة التشريعية.
حيث لا يخفى على متتبعي الشأن السياسي أن لها انعكاسات سياسية ومؤسساتية
إن غياب الوزراء يضرب في العمق مبدأ التفاعل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويفتح الباب أمام تأويلات شعبية تشكك في جدية التزامات الحكومة. كما يؤدي إلى تعطيل أداء البرلمان لوظيفته الرقابية، ويضعف الثقة في المؤسسات.
لهذا يجب احترام أكبر للنصوص الدستورية من أجل ضمان احترام الدستور وتفعيل القوانين التنظيمية، ومن هنا يمكن التفكير في:
اعتماد جدول زمني ملزم لحضور الوزراء.
تفعيل آلية التنبيه من طرف رئيس البرلمان أو رئيس الحكومة.
سن تدابير تأديبية أو سياسية عند تسجيل غيابات متكررة بدون مبرر.
هذه الاقتراحات من اجل استرجاع الثقة بين المواطن والمؤسستي التشريعية والتنفيذية وكدا من اجل محاربة عزوف الشباب عن السياسة

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept