بقلم: غزة مجيد
في يونيو 2022، احتفى مسؤولو خريبكة بافتتاح المسبح البلدي بعد أشغال صيانة كلّفت 250 مليون سنتيم. كانت لحظة مصنوعة بعناية: شريط أحمر، كاميرات، تصفيق، ووعود كبيرة. المسبح يومها بدا كعروس في ليلة زفافها، بفضاءات مبهرة وحلّة تدرف الدموع من شدة البهاء.
لكن سنتين فقط بعد ذلك، انهار الحلم. المسبح اليوم مهمل، متآكل، مريض بالإهمال. صور الخراب تحل محل صور التصفيق، وكأن اليد التي أنفقت الملايين لم تكن تبحث إلا عن وهم مؤقت.
السؤال الذي يوجع: لماذا تتحول المشاريع في هذه المدينة إلى لقطات عابرة في نشرة الأخبار، ثم تختفي في مقابر النسيان؟ لماذا تقارير الخروقات تُكتب وتبقى حبيسة رفوف العمالة والجماعة، بلا أثر ولا متابعة؟ هل كتب على خريبكة أن تعيش في دائرة الإجهاض المتكرر لكل حلم جماعي؟
دائماً المبررات، دائماً الأعذار. كل تقصير يُبرر، كل فساد يُسوّق كـخطأ عرضي، وكل إخفاق يُقنع المسؤولون به الشعب ليمرّ بلا حساب. الهروب من المحاسبة صار قاعدة، والمدينة تُذبح صمتاً تحت أكوام الأوراق، في انتظار يد شجاعة توقف العبث.
السيد هشام المدغري العلوي، العامل الجديد على إقليم خريبكة، المدينة تنتظر شجاعة. افتح الملفات الثقيلة. أخرج التقارير من رفوف الجماعة والعمالة إلى فضاء المحاسبة. المسبح الذي التهم 250 مليون سنتيم في اسم الصيانة لا يمكن أن يكون مجرد ديكور. خريبكة تحتاج إلى إرادة، لا إلى تصفيق عند الافتتاح وبكاء عند الخراب.
خريبكة، مدينة الفوسفاط والثروات، ألا تستحق أكثر من مسبح مهمل يثير الحسرة؟ من ينتقم من هذه المدينة حتى يترك أبناءها في مواجهة التهميش، وكأن قدرهم أن يصفقوا عند الافتتاح ويبكوا عند الانهيار؟ ومن يتواطأ في إجهاض أحلام خريبكة، مرة بالمحاباة، ومرة بالإهمال، ومرة بالصمت المريب؟
نداؤنا اليوم موجه إلى المجلس الأعلى للحسابات: إن خريبكة ليست بحاجة إلى خطب ووعود جديدة، بل إلى محاسبة حقيقية لكل من بدّد المال العام باسم الصيانة. فما وقع في المسبح البلدي ليس مجرد سوء تدبير، بل جريمة في حق مدينة تستحق الحياة.
في النهاية، الأسئلة تبقى معلقة ومبكية: من يحاسب من؟ من ينصف خريبكة؟ ومن يوقف مسلسل الإجهاض الذي يحوّل كل مشروع إلى ذكرى قصيرة العمر؟