زنقة36
بقلم: د.عبد النبي عيدودي
باحث في الشؤون الدينية والسياسية
مدير المركز المغربي للقيم والحداثة
ماذا بقيا من الانتقاد اللاذع للمدونة؟ ومن يقف وراء هذه الانتقادات المغرضة ؟ومن يدفع بالنقاش العمومي في الوسائط الاجتماعية إلى زرع المغالطات و الأكاذيب و المزايدات على اللجنة و على مؤسسة العلماء ؟ هذا هو السؤال الذي سيرافقنا طيلة هذه المقالة العلمية و نحن نحلل و نفسر مراحل إصلاح مدونة الأسرة.
فمنذ أن أعطى أمير المؤمنين الأمر لرئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش بفتح ورش إصلاح المدونة ، قامت لجنة علمية تحت إشراف ملكي سامي، بالاستماع و الإنصات لجميع فعاليات ومكونات المجتمع: أحزاب ونقابات، جمعيات وباحثين . وتسلمت مذكرات مكتوبة ورقمية من الجميع، ووفقت وسددت في مراجعتها لنصوص المدونة حتى رست على وجود (17) سبعة عشرة مسألة داخل المدونة تقضي النظر الشرعي فيها، فرفعت الأمر لولي الأمر، الملك محمد السادس نصره الله، باعتباره أمير المؤمنين وحامي حمى الوطن والدين ، فأسند النظر جلالته إلى المؤسسة العلمية باعتبارها مؤسسة دستورية مختصة في هذا المجال، لكي تدرس وتعطي رأيها الشرعي في هذه المسائل (17) السبعة عشر.
1- تلخيص أجوبة المؤسسة العلمية (اللجنة العلمية المكلفة بالإفتاء):
المجلس العلمي الأعلى هو مؤسسة علمية دستورية مختصة بتدبير الشوؤن الدينية يرأسها الملك بصفته أمير المؤمنين ، و تتشكل من 82 مجلس علمي موزع على ربوع التراب الوطني .
و من بين لجانه ، اللجنة العلمية المكلفة بالإفتاء .. و هي التي أعطت رأيها الشرعي في 17 مسألة التي عرضها أمير المؤمنين عبى المؤسسة العلمية ..
أ- وفي هذا السياق وافقت اللجنة المكلفة بالإفتاء على عشرة مسائل من السبعة عشر مسائل المعروضة عليها وذكرها كالآتي:
-المسألة الأولى: سن الزواج، حيث استجاب العلماء لهذا المسألة التي جعلت سن الزواج في 18 مع استثناءات محدودة في 17 سنة فقط بدل 16 سنة التي كان معمول بها مند 2004.
-المسألة الثانية: شهادة الشاهدين المسلمين، استجاب المجلس العلمي لهذه المسألة وأقر بوجوب عقد الزواج للأجانب وللمغاربة المقيميين في الخارج إذا تعذر عليهم إحضار الشاهدين المسلمين، و لم يلغي الشاهدين المسلمين كما يدعي البعض ، بل أجاز العقد في حالة تعذر إجاد الشاهدين المسلمين .
-المسألة الثالثة: النيابة الشرعية المشتركة، أقر المجلس العلمي وأجاز علماؤه بالنيابة الشرعية للمرأة.
-المسألة الرابعة: اعتبار العمل المنزلي مساهمة في ثروة الزوج، استجاب العلماء لهذا الطلب ، لكن ما يتم تسويقه في الفضاء العام بشكل صحيح ، فالمرأة لن تقتسم الثروة مع الرجل ، ولا الرجل يقتسم الثروة مع المرأة، بل سيكون احتساب للمجهودات التي قدمتها المرأة في تنمية ثروة الرجل خلال فترة الزواج فقط وما يملكه الرجل قبل فترة الزواج فهو غير مدرج في هذا الباب.( هذا فمن حقنا الاستفسار من ينشر هذه المغالطات ؟ و من يستفيد منها؟)
-المسألة الخامسة: وجوب نفقة الزوجة بالعقد، بمعنى أن نفقة الرجل على المرأة تبتدأ بالعقد وليس من الخطوبة ، وقد استجاب العلماء لهذا الطلب.
– فيما يخص المسألة السادسة: العمرى الإجبارية للسكنى للزوج الباقي حيا.
وهذه الفتوى يعني أن الزوجة تمتلك الحق في السكن مباشرة بعد وفاة الرجل، أو إخراجه بيت السكن من التركة فهذا خطأ ( فمن هذا الذي له مصلحة في تسويق هذا الخطأ ؟ و من المستفيد من نشر هذه الأكاذيب عن العلماء ؟)
لأن جواب العلماء حين استجاب لهذه المسألة فهو اقترح مصطلح إيقاف السكن بدل العمرى الإجبارية حفاظا على المصطلحات الشرعية، بمعنى أن بيت الزوجية يبقى وقف على الزوج إذا توفيت الزوجة ، و يبقى وقف على الزوجة إذا توفي الزوج ومعها ،
و في هذه المسألة نقترح في هذا الباب ادراج حق الأبوبين -إذا كانوا على قيد الحياة سواء كانوا من جهة الزوج أو جهة الزوجة- في السكن في هذا البيت الذي يعد وقفا حسب اقتراح العلماء.
-المسألة السابعة: مرتبة ديون الزوجين المتعلقة بالأموال المكتسبة، أجاز المجلس العلمي هذه المسألة، وقام فيها خلط بالفضاء العام و في النقاش العمومي، على اعتبار أن القاعدة أن كل واحد مستقل بذاته وأن ما يتعلق بذمة الرجل لا يمكن أن يتعلق بذمة المرأة وما يتعلق بذمة المرأة لا يمكن أن يتعلق بذمة الرجل ، لكن نحن هنا أمام ديون متعلقة أموال مكتسبة داخل فترة الزواج يعني هذا الكسب جاء نتاج تعاون مشترك بين الرجل والمرأة ، و هو متعلق يأموال الغير ، و وجب أداءها طال ما هي مرتبطة بالأموال المكتسبة بينهما .. وبالتالي تبقى هذه الديون متعلقة بما تم كسبه أيضا من طرف الزوج والزوجة وبهذا أجاز العلماء هذه المسألة.
-المسألة الثامنة: بقاء حضانة من تزوجت، بمعنى الحضانة بعد الزواج بالنسبة للمرأة المطلقة، أجاز العلماء هذه النقطة، وهنا علينا أن نصحح المغالطات المتعلقة بهذه المسألة فالحضانة للأم طالما الوضع سليم وصحيح لدى الطفل ، فلأب يزور ابنه كل اسبوع و يتتبع وضعه الاجتماعي و النفسي و الصحي ، فإذا تبين أن خانة المطلقة تشكل خطر على حياة الطفل وجب اسقاطها قانونا من طرف الاب ..
المسألة التاسعة: المتعة للمرأة طالبة التطليق، أجاز العلماء هذه المسألة باعتبار أن المرأة إذا وطلبت طلاق الشقاق ، فإبقاء المتعة مقبول على اعتبار العمل المنزلي مساهمة في ثروة الزوج و بالتالي تبقى هذه المدة التي عاشتها الزوجة (عشرة أو عشرين أو ثلاثين سنة ) تحتاج إلى التعويض حتى و إن كان طلاق شقاق لأن في ذلك إقرار لحقها ف المساهمة في ثروة الزوج.
المسألة العاشرة: المساواة بين أبناء الأبناء و البنات في استحقاق الوصية الواجبة مهما نزلوا، أيضا أجاز العلماء هذه المسألة وأكد المجلس العلمي أن هاتين المسألتين يعني المرتبطة بالمتعة للمرأة الطالبة التطليق والمساواة بين أبناء الأبناء و البنات في استحقاق الوصية الواجبة مهما نزلوا، أن الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء أعادت النظر في هاتين المسألتين الأخيرتين وبهذا يكونوا أعضاء الهيئة استنفدوا جهدهم في الاجتهاد في المسائل المعروضة عليهم في حدود 28 يوليوز 2024.
ب- أعطت حلولا بديلة توافق الشرع في ثلاث مسائل (نسب ولد الزنا، الوصية للوارث إذا لم يجزها باقي الورثة و إلغاء التعصيب في حالة ترك البنات دون الأبناء) وتحقق المطلوب، وأقرت بأفضلية الأخذ بها وذلك على الشكل الآتي:
-المسألة الأولى: نسب ولد الزنا، جواب من المجلس العلمي الأعلى يعطي بديلا جيدا وهو: (تحميل الأب كالأم المسؤولية عن حاجيات الولد دون إثبات النسب، لأن ثبوت النسب يخالف الشرع والدستور (المادة 32) ويؤدي إلى هدم مؤسسة الأسرة وخلق أسرة بديلة، بالتالي المجلس العلمي رفض إثبات النسب عبر ADN أو الخبرة الجينية للحوق النسب.
-المسألة الثانية: الوصية للوارث إذا لم يجزها باقي الورثة ، كان جواب المجلس العلمي عبر إعطاء حلا بديلا برفض الوصية للوارث ما لم يجزها الورثة ، ولكن قدم حلا بديلا وهو الهبة عوض الوصية وعدم اشتراط الحيازة الفعلية يعني يمكن أن نكتب لوارث هبة دون حيازة فعلية لها عوض الوصية.
-المسألة الثالثة: إلغاء التعصيب في حالة ترك البنات دون الأبناء، كان جواب المجلس العلمي هو إعطاء الهبة للبنات وعدم اشتراط الحيازة الفعلية لهم بدل الغاء التعصيب لأن التعصيب يدخل ضمن ثوابت الشرع المنصوص عليها في الكتاب و السنة وأقوال أهل العلم.
ج- أما المسألتان التي أعطت فيهما اللجنة العلمية المكلفة بالإفتاء حلولا بديلة توافق الشرع وتحقق المطلوب و يمكن لولي الأمر أن يقرر فيها ما يراه محققا للمصلحة هما:
– المسألة الأولى: التوارث بين الزوجين مختلفي الدين، يعني أن يرث المسلم غير المسلم، فكان جواب المجلس العلمي باسطا لحل بديل وهو أنه يمكن لكل منهما أن يوصي أو يهب للأخر بإرادته وعدم اشتراط الحيازة الفعلية ويمكن للإشارة إلى ذلك بشكل صريح في المادة 332 مباشرة بعد المنع، بمعنى هنا أن المجلس العلمي يقر بمنع التوارث بين الزوجين مختلفي الأديان وفي نفس الوقت يعطي حلا بديلا وهو الوصية أو الهبة بإرادة أحدهما طبعا، وهذا الأمر يمكن حسب المجلس العلمي لولي الأمر أمير المؤمنين أن يفرض تنزيلا واجبا لأحد الزوجين للمصلحة التي يراها جلالته تقتضي ذلك.
– المسألة الثانية: التوارث بين الكافل والمكفول أو التنزيل الواجب، أيضا رفض المجلس العلمي هذه المسألة وقدم ثلاث حلول بديلة لها وهي:
*الحل الأول: يمكن لكل منهما حيازة المال في حالة عدم وجود ورثة وتنازلت الدولة عن الإرث.
*الحل الثاني: يمكن لكل منهما أن يوصي أو يهب للأخر بإرادته وعدم اشتراط الحيازة الفعلية.
*الحل الثالث: يمكن لولي الأمر أن يفرض تنزيلا واجبا للمكفول بمقتضى القانون إذا رأى ذلك جلالته.
د- وفي مسألتين لا يمكن تجاوز رأي اللجنة فيهما إلا بقرار من ولي الأمر باعتبار المصلحة وهما :
-المسألة الأولى: إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد، كان جواب المجلس العلمي هو الرفض وتفويض الأمر لأمير المؤمنين ليقرر هل يشترط موافقة الزوجة الأولى في التعدد أو لا؟، و اعتبر المجلس العلمي هذا الشرط غير مشروع إلا بموافقة ولي الأمر (أمير المؤمنين).
-المسألة الثانية: وهي مرتبطة بإدراج المادة 400 ضمن مدونة الأسرة، الهيئة العلمية طالبت بحذف هذه المادة لكن المجلس العلمي رفض حذفها وأقر بضرورة إبقاءها لأنها تعتمد المذهب المالكي كمرجع لجميع الأحوال الشخصية للأسرة بأركنها، زوج وزوجة وأبناء وما يترتب على ذلك من إرث، فإن المجلس تمسك بالنص عليها داخل المدونة لأن ممارسة الدين سواء في العبادات أو المعاملات لابد من أن تتم وفق مذهب فقهي يعتمده البلد ككل، كما هو الحال بالنسبة للمذهب المالكي بالمغرب، أو تعتمده طائفة دون أخرى كما هو بالنسبة لبلدان أخرى، هذا لا يمنع من النص الدقيق على مراجع أخرى مالم تناقض، في المسائل المرجوع، فيها القطعي في الدين، أو المسائل التي تتحفظ فيها الدولة على صعيد القوانين المطروحة في الساحة الدولية.، (انتهى تعليل المجلس العلمي، )
وبالتالي المجلس العلمي يرفض إلغاء المادة 400 من مدونة الأسرة ويتشبث بإبقائها داخل نصوص مدونة الأسرة ، ولا يمكن رفعها إلا بقرار من ولي الأمر باعتبار المصالح الفضلى للمملكة.
2- المدونة في عيون الإسلاميين (ازدواجية الخطاب الديني والسياسي):
صمتوا طويلا، وأشادوا بمنهجية الإعداد والتعديل، وقدموا تعديلاتهم عبر جميع وسائطهم السياسية والحقوقية والإعلامية، لكن بعد أن عرض جلالته الموضوع لنقاش العمومي، قام أنصار هذا التيار بالرقص على الحبلين، يد تسبح ويد تذبح، القيادات الإسلامية تنتقد بحذر شديد، (تصريحات الفيزازي الكتاني، الريسوني ، والرميد والرباح، ورابطة علماء المغرب العربي …..) لكن وسائطهم الاجتماعية و منصاتهم الإعلامية و أبواقها تشوه الحقائق وتتهم الجميع بالخيانة علماء ومؤسسات وتنعتهم بالتراجع عن الدين . فلماذا هذه الازدواجية في الخطاب الديني والسياسي ؟ هل من أجل الدين حقا ؟ أم هي شق لعصى الطاعة من أجل صناديق الاقتراع الذي بدأت تدق طبولها ؟
3- المدونة في عيون العلمانيين:(وهبي فارسهم المنوار):
صمتوا نهائيا ، و لمن نقد نسمع لهم ركزا ، كأنهم واثقون في عرابهم عبداللطيف وهبي ، الذي يخال نفسه حامل لواء الحداثيين و المدافع عن أفكارهم ، و القادر على تنزيل فلسفتهم في المشروع الاصلاحي الذي قوده على كل الجبهات ( مدونة الاسرة ، المسطرة المدنية ، المسطرة الجنائية ..)
4- الإصلاح من منظور العلماء المغاربة :
قدم علماء الأمة بسطا عظيما بعد ان قالوا كلمتهم في 17 مسألة شرعية التي عرضها عليهم جلالة الملك أعزه الله . و مما جاء فيه ( وتقضي المناسبة أن يتعرف الرأي العام على الخلفية الدينية والتاريخية والمؤسساتية لهذا الاستفتاء من خلال الإشارة إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أن استفتاء العلماء من قبل أمير المؤمنين يدخل في ما أنيط به من حفظ الدين، وأن حفظ الدين التزام في البيعة الشرعية لإمام الأمة، وهنا لابد من أن نشير إلى أمور تتعلق بالبيعة قد لا يعرفها كثير من الناس، ومنها:
– أنها الأصل الذي انبنت عليه العلاقة بين الحاكم والمحكومين في الإسلام؛
– أن المغرب قد احتفظ بها على امتداد تاريخه في الإسلام؛
– أن البيعة عقد مكتوب ينص على موافقة الأمة ممثلة في العلماء وشيوخ القبائل وأعيان الحواضر والشرفاء وشيوخ الزوايا وأمناء التجار والحرفيين وكبار العساكر؛
أن البيعة من فعل “باع” والمراد هو أن الأمة تبيع المشروعية لولي الأمر مقابل التزامه بما تقوم عليه الأمة والدولة والمجتمع، ويتعلق الأمر بما سماه علماء الإسلام بالكليات الخمس وهي: حفظ الدين (لأن الدين هو الذي يعطي المعنى للحياة)، وحفظ النفس (بالأمن والصحة) وحفظ العقل (بالتعليم والنظام العام المبني على المعروف) وحفظ المال (وهو المعاش والتنمية والمعاملة بالحق والعدل) وحفظ العرض (وهو المصطلح عليه اليوم في باب السياسة الاجتماعية بالكرامة). ولا تخرج الدساتير الحديثة عن هذه الالتزامات التي تتفرع إلى اهتمامات حكومية، غير أن دساتير البلاد العلمانية لا تنص على حفظ بهذا المعنى) علما بأن الحاجة إلى الدين ديموقراطيا حاجة اجتماعية وهي عند المؤمنين الحاجة الأولى؛
الأمر الثاني: هو أن أمير المؤمنين في النظام المغربي يستعين في حفظ الدين بمعناه العام لجميع مؤسسات الدولة، حكومية وغير حكومية، ويستعين بحفظ معناه الخاص أي العبادات والمعاملات بالعلماء؛ والمؤسسة العلمية في وقتنا الحاضر هي وريثة مشيخة العلماء في التاريخ، ويرأسها أمير المؤمنين، وتتكون من المجلس العلمي الأعلى بأمانته العامة وكتابته، ومن المجالس العلمية المحلية في العمالات والأقاليم وعددها اثنان وثمانون، في كل مجلس رئيس واثنا عشر عضوا من بينهم أربع من العالمات؛
الأمر الثالث: أن الفتوى من جهة العلماء قائمة على الاجتهاد، وهو قائم على النظر في النصوص الشرعية، نظر وضع له علماء الإسلام قواعد وآليات تضبط فهم النصوص والاستنباط منها حتى لا تنفلت عن القصد التعبدي المقرر فيها بالامتثال والاستجابة، ولهذه الغاية رتب العلماء مصادر التشريع وجعلوا على رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس وميزوا في النصوص الشرعية بين القطعية والظنية؛ فالدليل القطعي هو الذي يفيد العلم اليقيني، ويشمل:
– الآيات القرآنية القطعية الدلالة؛
– الأحاديث النبوية القطعية الثبوت وهي المتواترة؛
وهكذا فمجال الاجتهاد محصور في:
– ما لم يرد فيه نص من الكتاب والسنة ولم ينعقد فيه إجماع؛
– الآيات القرآنية ظنية الدلالة؛
– لأحاديث النبوية ظنية الثبوت والدلالة معا.
ومن مرتكزات الاجتهاد عند علماء المملكة مراعاة أمرين:
– اعتبار “المصلحة المرسلة”، وهي كما عرفها العلماء: المصلحة التي لم يرد في الشرع ما يدل على اعتبارها ولا ما يدل على إلغائها؛
– الالتزام بالمذهب المالكي أولا؛
وقد صدر العلماء فتواهم في موضوع مدونة الأسرة بهذه الحيثيات المتعلقة بالاجتهاد، وذيلوها بالتفويض لأمير المؤمنين، وذلك لكونه إمام الأمة الأعظم وولي أمرها، يتخذ كل ما يراه مناسبا لحماية الدين والملة ولسياسة الدنيا به؛ ولحفظ وحدة الأمة ورعاية مصالحها ودرء المفاسد عنها.
غير أن أمير المؤمنين لم يستعمل هذا التفويض، مما يفيد أنه يضع ثقته في العلماء ويحملهم مسئولياتهم.
والواقع أن دور العلماء في تأطير التدين لا ينحصر في الإفتاء، بل هو في الأساس دور تبليغي ومن ثمة فهو دور تخليقي، ومن قبيل هذا التخليق الحرص على العلاقة بين الرجل والمرأة، هذه العلاقة التي بناها القرآن الكريم على المعاشرة بالمعروف، هذه المعاشرة التي تصون المحبة والرحمة وتغني عن اللجوء إلى تبعات الخلاف سواء كانت مادية أو معنوية. وفي باب التخليق فإن العلماء واعون بواقعية القرآن في جانب ضعف الإنسان وبأن دورهم التبليغي هو تدبير هذا الضعف، مع سياق فهم تام لارتباط الاتباع بضغوط النظام الاقتصادي والاجتماعي لهذا العصر)
إنتهى بسطهم و بقي السؤال من يشوش على علماءنا و وطننا و مؤسساتنا ؟ لعل الجواب في طيات المقال ؟
و الحمد لله الذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده.
مقال بقلم: د. عبد النبي عيدودي