بقلم: غزة مجيد
أشرفت لجنة ملكية، صباح السبت، على تسليم هبة مولوية للزاوية الشرقاوية بمدينة أبي الجعد، تخليدًا للذكرى السابعة والعشرين لرحيل الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه.
الحدث لم يكن مجرد طقس بروتوكولي عابر، بل لحظة رمزية عميقة، حيث امتزجت السياسة بالروح، والذاكرة بالدعاء. في رحاب ضريح الولي الصالح سيدي بوعبيد الشرقي، ساد جو من الخشوع، وارتفعت الأكف بالترحم على روح الملك الراحل، وبالدعاء بطول العمر والتوفيق للملك محمد السادس، نصـره الله.
الحفل حضره عامل إقليم خريبكة، هشام المدغري العلوي، في مقدمة المسؤولين الأمنيين والعسكريين والمنتخبين. وكان حضوره لافتًا، لأنه لم يكتفِ بالمشاركة الرسمية، بل أظهر التزامًا روحيًا واضحًا، جسّد عبره معنى أن تكون الإدارة قريبة من الموروث الديني والروحي للمجتمع.
هذه المبادرة الملكية تأتي في سياق العناية المستمرة التي يوليها الملك محمد السادس للزوايا والطرق الصوفية. عناية ليست شكلية، بل تحمل رسالة واضحة: الحفاظ على النموذج المغربي في التدين، المرتكز على الوسطية والاعتدال، في مواجهة تيارات التشدد والانغلاق.
الزاوية الشرقاوية، بتاريخها الممتد في الزمن، تظلّ أكثر من فضاء للذكر. إنها رافعة روحية، ومؤسسة اجتماعية لعبت دورًا في تثبيت قيم التآخي والتسامح. وحين تلتفت الدولة إليها عبر هبة ملكية، فهي تؤكد أن الدين في المغرب ليس مجرد علاقة فردية بالله، بل مكوّن أساسي في تماسك الجماعة الوطنية.
في كلمات قليلة، يمكن القول إن أبي الجعد، في هذا السبت، لم تكن حفل ديني فحسب، بل شاهدًا جديدًا على تلاحم العرش والزوايا، على عهد قديم يتجدّد في كل محطة، وعلى إدراك الدولة أن الروح لا تقلّ أهمية عن السياسة والاقتصاد.