بقلم: غزة مجيد
في مشهد كاد أن يتحول إلى كارثة، شبّ مساء اليوم حريق بمحاذاة المقبرة المسيحية المتواجدة بنوفود الملحقة الإدارية الأولى بخريبكة. النيران اندلعت بدايةً في كومة نفايات ملتصقة بجدار المقبرة، قبل أن تمتد ألسنة اللهب إلى الداخل، في اختراق خطير لحرمة المكان المخصص لراحة الموتى.
وسارع المواطنون إلى الاتصال بمصالح الوقاية المدنية، التي حضرت على وجه السرعة وتمكنت، بفضل يقظة رجال الإطفاء وتدخلهم المحكم، من السيطرة على الحريق وإخماده قبل أن يتفاقم الوضع.
الحادث، الذي كان من الممكن أن يتحول إلى فضيحة محلية ودولية بالنظر إلى رمزية الموقع وطبيعته الدينية، يطرح أكثر من سؤال حول أسباب ترك النفايات تتكدس بمحاذاة مقبرة تاريخية، وعن غياب تدخلات استباقية للسلطات المحلية في تنظيف المحيط وحماية المكان من مظاهر الإهمال.
ففي زمن تُرفع فيه شعارات التعايش والاحترام المتبادل بين الديانات، كيف يُعقل أن تبقى مقبرة مسيحية وسط مدينة كخريبكة، عرضة للنفايات والحرائق العشوائية؟ ومن المسؤول عن هذا الإهمال الذي يسيء إلى صورة المدينة ويضرب في العمق قيم التعدد والاحترام التي يحرص المغرب على ترسيخها؟
غير أن ما وقع يكشف أيضًا الوجه الآخر من الأزمة، حيث غياب الشركة المكلفة بالنظافة وجمع الأزبال عن أداء مهامها، جعل محيط المقبرة يتحول إلى مزبلة مفتوحة، تُكدَّس فيها النفايات دون رقيب ولا حسيب. وهنا يطفو إلى السطح سؤال التدبير المفوض: ما جدواه إذا كان لا يضمن أبسط شروط النظافة وحماية المرافق الحساسة؟ وأين مراقبة
المجلس الجماعي الذي يمنح ملايين الدراهم سنويًا لشركات لا يظهر أثرها إلا في فواتيرها السمينة؟
وإذا كان لطف الأقدار ويقظة رجال الإطفاء قد أنقذا الوضع، فإن الحادث يظل ناقوس خطر، ورسالة واضحة بأن حماية الذاكرة المشتركة لا تتحقق بالشعارات فقط، بل بتدبير جدي ومسؤول يضع حدًّا لمثل هذه المظاهر المشينة.