زنقة36
في خريبكة، المدينة التي تعرف تاريخا طويلا من الكدح والصبر وصناعة الثروة تحت الأرض وفوقها، التأم مناضلو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مؤتمرهم الإقليمي السابع، رافعين شعارا عميقا في دلالاته: ثروة الإقليم رافعة اقتصادية ودعامة اجتماعية. شعار يلخص إدراكا واعيا بأن التنمية لا تتحقق إلا حين تمتزج العدالة الاجتماعية بالإرادة السياسية الصادقة.
في الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر، لم يكن الحضور المكثف – الذي فاق ألف مناضل – مجرد رقم في سجلات التنظيم، بل كان تعبيرا عن رغبة جماعية في ضخ دماء جديدة في هياكل الحزب، وتثبيت قيم الالتزام والانتصار لقضايا الشغيلة وعموم المواطنين.
وسط هذا الزخم، جاء انتخاب السيد عبد الرحيم لعبايد كاتبا إقليميا للحزب بخريبكة بمثابة تأكيد على أن النضال الصادق لا يضيع صاحبه مهما تأخر الاعتراف. فالرجل القادم من مدرسة العمل النقابي، الذي قضى سنوات طويلة مدافعا عن حقوق العمال وكرامتهم، حظي بإجماع المناضلين، تقديرا لنزاهته وصلابته وقدرته على جمع الصف لا تبديده.
عبد الرحيم لعبايد ليس مجرد اسم جديد على رأس التنظيم الإقليمي. إنه قيمة نضالية متراكمة. رجل آمن دائما بأن العمل النقابي والسياسي يجب أن يكونا في خدمة المصلحة العامة، لا مطية لتحقيق مصالح ظرفية أو بناء زعامات كرتونية. لذلك، ظل محل تقدير حتى من خصومه، الذين يشهدون له بقدرته على الحوار والإقناع، ورفضه التنازل عن المبادئ تحت أي ضغط.
إن انتخاب لعبايد هو رسالة واضحة بأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – رغم كل التحولات – ما زال وفيا لمدرسته الأصيلة: مدرسة الانتصار للعمال والفئات الشعبية، وجعل التنظيم قلعة للوضوح الأخلاقي والسياسي.
اليوم، تضع خريبكة ثقتها في واحد من أبنائها البررة. في مناضل خبر تفاصيل المعاناة في الحقول والمناجم، واعتاد أن يكون صوته عاليا حين يتعلق الأمر بالكرامة والعدالة الاجتماعية. إنها الاستمرارية التي تتجدد بروح الوفاء لا التزلف، وبالإيمان العميق بأن العمل السياسي يستمد شرعيته من خدمة الناس أولا وأخيرا.
هنيئا لعبد الرحيم لعبايد. وهنيئا للاتحاد الاشتراكي بخريبكة وهو يختار لمنصته الإقليمية قيادة تستحق الثقة، في زمن عز فيه أن نجد رجالا يراكمون النضال دون أن يفقدوا نزاهتهم ولا بوصلة انحيازهم.