زنقة36
في سياق التحضيرات لعقد المؤتمر الوطني للفلاحة، انعقد يوم 30 يناير 2025 اجتماع اللجنة التحضيرية، برئاسة السيد أحمد العمراوي، الأمين العام لنقابة اتحاد عمال المغرب، وبحضور الزعيم امحند العنصر. هذا اللقاء شكل فرصة مهمة للنقاش العميق حول أبرز القضايا التي تؤرق الفلاحين والفاعلين في القطاع الفلاحي بالمغرب، حيث تمحورت المداولات حول التحديات الهيكلية التي تعترض تطوير الفلاحة الوطنية، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حلول مبتكرة وفعالة لدعم هذا القطاع الاستراتيجي.
يأتي اختيار الدكتور عيدودي لقيادة اللجنة التحضيرية بناءً على خبرته العميقة في المجال الفلاحي، وحنكته في تدبير القضايا المرتبطة بالقطاع، وقدرته على الترافع عن حقوق الفلاحين والتعاونيات الفلاحية. وينتظر منه أن يسهم في وضع تصور متكامل للمؤتمر الوطني للفلاحة، بما يضمن بلورة توصيات ناجعة تخدم مصالح الفلاح المغربي وتدفع بعجلة التنمية الفلاحية إلى الأمام.
رؤية جديدة لتثمين قطاع الفلاحة
في بداية الاجتماع، ناقشت اللجنة مشروع النظامين الأساسي والداخلي للمؤتمر، قبل أن تفتح المجال لحوار موسع حول الملفات الكبرى التي تشغل الرأي العام الفلاحي، من أبرزها:
1. تثمين نسل الماشية وملف عيد الأضحى
أكد المشاركون على أهمية مراجعة السياسات الحالية لتربية الماشية، وذلك عبر وضع برامج تتماشى مع خصوصيات كل منطقة، مما يساهم في تحسين جودة القطيع الوطني وضمان استدامته، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية الراهنة.
2. الدعم الفلاحي وتعقيد المساطر الإدارية
يشتكي الفلاحون من بطء وتعقيد المساطر المتعلقة بالحصول على الدعم الفلاحي، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على الاستثمار والتطوير. وطالب الحاضرون بضرورة تخفيف الإجراءات الإدارية وتسريع صرف الدعم بما يضمن استفادة الفلاحين في الوقت المناسب، بعيدًا عن العراقيل البيروقراطية التي تضعف مردودية القطاع.
3. أزمة التعاونيات الفلاحية: غياب المواكبة والتتبع
أجمعت اللجنة على أن التعاونيات الفلاحية، التي تمثل ركيزة أساسية للنهوض بالفلاحة التضامنية، تعاني من نقص حاد في المواكبة والدعم الحكومي. الأمر الذي يتطلب استراتيجية وطنية واضحة لتعزيز قدراتها وتوفير بيئة محفزة لنموها، سواء عبر التمويل أو التكوين والتأطير.
4. الجفاف والضغط على الموارد المائية
يواجه المغرب أزمة مائية خانقة بفعل تكرار سنوات الجفاف، مما أثر بشكل خطير على المحاصيل الزراعية والفرشة المائية. وناقش المجتمعون ضرورة وضع حلول مستدامة عبر تشجيع تقنيات الري الحديثة، وتعميم مشاريع تحلية المياه، واستغلال الموارد المائية غير التقليدية لتقليل الضغط على المياه الجوفية.
5. تعقيد مساطر الترخيص بحفر الآبار
اشتكى الفلاحون من الصعوبات البيروقراطية التي تواجههم عند طلب تراخيص حفر الآبار، حيث دعت اللجنة إلى تخفيف الإجراءات الإدارية، وضبطها وفق معايير واضحة وشفافة، بما يضمن الحفاظ على الموارد المائية مع تمكين الفلاحين من الاستفادة منها بشكل منظم وعادل.
6. أزمة إنتاج الحليب والهيمنة على السوق
أثار الحاضرون مخاوفهم بشأن تراجع إنتاج الحليب الطبيعي في مناطق الغرب، الحوز، وسوس ماسة، مقابل انتشار الحليب الاصطناعي المستورد، مما يهدد الفلاحين والمستهلكين على حد سواء. وقد دعا المجتمعون إلى:
رفع الضرائب الجمركية على الحليب المستورد ومشتقاته لحماية المنتج المحلي.
دعم الاستثمار في مصانع تجفيف الحليب لتعزيز الإنتاج الوطني وضمان توفير حليب مغربي عالي الجودة يحمل علامة “صنع بالمغرب”.
7. ارتفاع أسعار المحروقات وضرورة دعم الطاقات المتجددة
مع الارتفاع المستمر لأسعار المحروقات، يعاني الفلاحون من تكاليف تشغيل مرتفعة، ما ينعكس على الإنتاج والأسعار في الأسواق. وخلص الاجتماع إلى ضرورة توفير دعم مباشر لاستخدام الطاقات المتجددة في الفلاحة، من قبيل:
تشجيع استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات والآلات الزراعية.
إعفاء التجهيزات الفلاحية العاملة بالطاقة المتجددة من الضرائب.
نحو استراتيجية وطنية شاملة للفلاحة
أكد الاجتماع على أن هذه الإشكاليات تستوجب مقاربة وطنية متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار العدالة المجالية، والتحولات المناخية، والتحديات الاقتصادية. كما شددت اللجنة على أن مستقبل الفلاحة بالمغرب مرتبط بمدى قدرة الدولة على:
وضع إصلاحات هيكلية تدعم الفلاحين الصغار والمتوسطين.
تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في المجال الفلاحي.
تحسين الحكامة ومكافحة الاحتكار في القطاع.
خرج الاجتماع بتوصيات مهمة سترفع إلى الجهات المعنية، مع التأكيد على ضرورة إشراك الفلاحين والتعاونيات في صياغة سياسات فلاحية أكثر عدالة واستدامة. كما يُنتظر أن يشكل المؤتمر الوطني للفلاحة محطة مفصلية في صياغة رؤية جديدة للنهوض بالقطاع، بما يخدم مصلحة الفلاح المغربي ويعزز الأمن الغذائي الوطني.