خريبكة ولمراهنة… من مدينة بدون صفيح إلى صفيح بلا مدينة

2 يناير 2025
خريبكة ولمراهنة… من مدينة بدون صفيح إلى صفيح بلا مدينة

زنقة36_غزة مجيد

في سنة 2007، أعلنت خريبكة مدينة بدون صفيح وسط احتفالات رسمية وتصريحات تبشر بعهد جديد. نصب تذكاري، كلمات منمقة، ووعود بمستقبل أفضل. لكن دوار لمراهنة التابع لجماعة خريبكة، وجارته بولنوار التابعة للإقليم نفسه، بقيا شاهديْن على أن الحلم كان قصيراً، وأن الصفيح لا يزال جزءاً من المشهد.

في ذلك العام، أعلن المسؤولون أنهم رفعوا التحدي وحققوا المستحيل، لكن سكان لمراهنة وبولنوار يتساءلون اليوم: أين ذهبت الوعود؟ هل كانت الاحتفالات مجرد استعراض إعلامي؟ أم أن الأزمات عادت لتفرض نفسها؟

الواقع يقول إن الصفيح لم يختفِ، بل أعاد تشكيل نفسه، مدفوعاً بالنمو الديموغرافي، والهجرة القروية، وغلاء السكن الاجتماعي الذي حوّل بعض المستفيدين من مشاريع الإيواء إلى نازحين جدد في أحياء عشوائية أخرى.

في لمراهنة، تصبح المياه النظيفة رفاهية، والمدارس حلمًا، والمراكز الصحية أقرب إلى السراب. نفس المعاناة تتكرر في بولنوار، حيث تعيش الساكنة تحت وطأة بنية تحتية متهالكة وطرق ترابية تتحدى السيارات والمارة على حد سواء.

الإنارة العمومية؟ شبه غائبة.
الصرف الصحي؟ غارق في الأوحال.
الحياة الكريمة؟ مؤجلة إلى إشعار آخر.

في أبريل 2024، شب حريق في دوار لمراهنة، التهم الأكواخ الهشة وألقى بسكانها في العراء. لم تكن النيران وحدها من كشفت هشاشة الوضع، بل أظهرت تأخر الاستجابة وقلة الإمكانيات مدى الاستهتار بحياة الناس في هذه المناطق.

وعلى بعد بضعة كيلومترات، تعاني بولنوار من نفس الداء. في 2023، تم عزل رئيس الجماعة، تاركاً وراءه إرثاً من العجز التنموي. السكان هنا يشكون التهميش وغياب المشاريع التي تعيد الحياة إلى جماعتهم، وكأنهم عالقون في حلقة مفرغة من الوعود والتقصير.

السؤال الذي يردده الجميع هو: من يتحمل المسؤولية؟
هل الحكومة التي وعدت بالقضاء على الصفيح ثم تراجعت؟
أم الجماعات المحلية التي غرقت في سوء التدبير؟
أم المواطن الذي استسلم للأمر الواقع؟

تحتاج هذه المناطق إلى مشاريع تنموية حقيقية، لا إلى خطط على الورق أو تدشينات رمزية. الحلول تبدأ بالتخطيط المتكامل، وتوفير البنية التحتية، وتعزيز الرقابة على التسيير المحلي. كما أن دور المجتمع المدني حيوي في الضغط لإيجاد حلول مستدامة.

خريبكة، التي أعلنت نفسها خالية من الصفيح، أصبحت اليوم شاهدة على عودة الأزمة بأشكال أكثر حدة. أما لمراهنة وبولنوار، فلا تزالان غارقتين في مشاهد التهميش والمعاناة. ربما آن الأوان لوقف الشعارات الرنانة والالتفات إلى الواقع، لأن السكان لم يعودوا بحاجة إلى نصب تذكاري جديد، بل إلى مستقبل يستحق الاحتفال.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق