زنقة36_غزة مجيد
خريبكة، مدينة ذات تاريخ طويل وعريق، تشهد حالياً جهوداً كبيرة من قبل عامل الإقليم لتحقيق التنمية المستدامة. في ظل هذا العمل الدؤوب، يلاحظ غياب ملحوظ للفاعلين السياسيين المحليين عن المساهمة الفعالة في دفع عجلة التنمية، ما يطرح تساؤلات حول دورهم الحقيقي وتأثير هذا الغياب على تنفيذ المشاريع التنموية بالمنطقة.
لقد قام عامل إقليم خريبكة بجهود جبارة في إطلاق وتدشين العديد من المشاريع التنموية، التي تهدف إلى الخدمات الأساسية للسكان. من المرافق العامة إلى البرامج الاجتماعية، كان للعامل دور ريادي في قيادة هذه المبادرات وضمان تنفيذها في الوقت المحدد. ولكن، على الرغم من هذه الجهود، فإن غياب الفاعلين السياسيين المحليين يبدو وكأنه يشكل عائقاً أمام تحقيق نتائج أكثر إيجابية وسريعة.
في الوقت الذي كان فيه سكان إقليم خريبكة يأملون من برلمانيي المنطقة أن يكونوا قوة اقتراحية ورافعة لجلب مشاريع تنموية كبرى تعزز من مسار التنمية المحلية، نرى أن الأداء البرلماني لهذه الشخصيات لم يرتقِ إلى مستوى التطلعات. عوض أن يبادروا بتقديم مقترحات عملية وحقيقية لجلب الاستثمارات وتطوير البنية التحتية، اكتفى البعض منهم بطرح الأسئلة داخل قبة البرلمان، دون أن يتبع ذلك أي خطوات ملموسة على أرض الواقع.
قد يتساءل المواطنون: ماذا حقق هؤلاء البرلمانيون لنا على مدى هذه السنوات؟ هل ساهموا فعلاً في تحسين ظروف العيش أو تعزيز فرص التنمية؟ أم أنهم اكتفوا بالحضور الرمزي في الأنشطة والفعاليات دون أن يتركوا بصمة حقيقية؟ الأسوأ من ذلك، أن بعض البرلمانيين لم يظهروا حتى الجرأة الكافية للتفاعل مع قضايا الإقليم في مجلس النواب. فكثيراً ما يكتفون بالحضور الصامت، دون تقديم مداخلات جادة أو استفسارات تعكس هموم سكان الإقليم وتطلعاتهم. الأمر الذي يعكس ضعفاً في التمثيل السياسي، وانفصالاً عن الواقع اليومي للمواطنين.
في ظل هذه الظرفية، نجد أن عامل الإقليم لم يكتفِ بقيادة المشاريع المحلية فقط، بل نجح أيضاً في تأمين شراكات دولية مثمرة تهدف إلى تعزيز التنمية في المنطقة. من خلال هذه الشراكات، تم إطلاق مشاريع مدرة للدخل تسهم في تقليص نسبة البطالة وتحسين مستوى المعيشة. وكان من المفترض أن يكون هذا الدور من اختصاص السياسيين المحليين، الذين يمكنهم استخدام مناصبهم البرلمانية لجذب مثل هذه الاستثمارات. ومع ذلك، تأخر السياسيون في القيام بهذا الدور، مما جعل عامل الإقليم يتحمل وحده عبء هذه المسؤولية.
أصبح من الواضح أنه في كل قضية كبيرة أو صغيرة في إقليم خريبكة، يتم انتظار حلها من قبل عامل الإقليم. هذا الواقع يطرح سؤالاً جوهرياً: ما هو دور السياسيين المحليين إذا كانوا غير قادرين على التعامل مع هذه القضايا بأنفسهم؟ ولماذا يتسابقون بشكل محموم أيام الانتخابات للحصول على مناصبهم، إذا كان دورهم الفعلي على الأرض شبه معدوم؟
لقد أصبح العامل هو الشخصية المحورية في الإقليم، يُعتمد عليه في كل شيء، من إطلاق المشاريع الكبرى إلى حل المشكلات اليومية التي يواجهها السكان. في المقابل، يغيب السياسيون المحليون عن الساحة إلا في أوقات الأزمات، حينما تكون الأضواء مسلطة عليهم. هذا الاعتماد المفرط على العامل يعكس ضعفاً في الأداء السياسي ويشير إلى فشل الفاعلين السياسيين في تحمل مسؤولياتهم.
إن التنمية المحلية هي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، من السلطات المحلية إلى المنتخبين والسياسيين. لذلك، يجب على الفاعلين السياسيين في خريبكة أن يعيدوا النظر في أدوارهم وأن يتحملوا مسؤولياتهم في متابعة وتسهيل تنفيذ المشاريع التنموية. لا يكفي الحضور الرمزي في التدشينات والاحتفالات، بل يجب أن يكون لهم دور فعال في دعم الجهود التنموية والتواصل مع المواطنين والعمل على تلبية احتياجاتهم.
إن عدم الانخراط الجاد في هذه المشاريع لن يؤثر فقط على تقدم خريبكة، بل سيعزز من الانطباع بأن السياسة المحلية فقدت صلتها بالواقع والمواطنين. لذلك، ينبغي على السياسيين أن ينهضوا بدورهم وأن يعملوا بجدية لضمان تنفيذ المشاريع التنموية في الوقت المناسب وتحقيق نتائج ملموسة يستفيد منها الجميع.
على الفاعلين السياسيين أن يدركوا أن الوقت قد حان للتغيير وللعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمدينة وسكانها. في الوقت نفسه، يظهر تقرير الإنجازات للعامل مدى فعالية القيادة المحلية في تأمين شراكات دولية وتنفيذ مشاريع مدرة بالنفع، بينما يتضح من غياب السياسيين الحاجة إلى قيادات جديدة قادرة على تحقيق التغيير والمساهمة بفعالية في تنمية المنطقة.