زنقة36_غزة مجيد
عدّ المنتزهات والحدائق العامة الرئة الخضراء لمدينة خريبكة، حيث تُشكل ملاذًا للسكان هربًا من ضغوط الحياة اليومية وحرارة الصيف اللاهبة. إلا أن هذه المساحات الخضراء تبدو اليوم وكأنها مهجورة من الوعي والمسؤولية، ضحية الإهمال وسوء التدبير الذي يطالها من قبل المجلس الجماعي.
بالنظر إلى وضع حدائق خريبكة، يتضح جليًا أن هناك نقصًا فادحًا في الاهتمام والصيانة. فالمقاعد المتهالكة والمرافق المتضررة تعكس بوضوح غياب الرؤية التخطيطية للمجلس الجماعي الذي يبدو وكأنه في سبات عميق، غير مدركٍ لأهمية هذه المساحات في تحسين جودة حياة المواطنين.
في عز الصيف، عندما يحتاج سكان المدينة إلى متنفس طبيعي للهرب من حرارة الجو، يجدون أنفسهم أمام حدائق تُركت لتصارع مصيرها وحدها. النفايات متناثرة، والأشجار المتروكة دون عناية تبدو وكأنها تصرخ مطالبة بالاهتمام. ولكن الأكثر إيلامًا هو اصفرار العشب، الذي لا يعكس ندرة المياه كما قد يُظن، بل يُظهر بوضوح سوء العناية وغياب الجهود الجدية للحفاظ على نظارة المساحات الخضراء. هنا يظهر السؤال: أين دور المجلس الجماعي في توفير صيانة دورية وفعّالة لهذه الحدائق؟
في عام 2009، شهدت خريبكة إنشاء محطة لمعالجة المياه العادمة، واعتُبرت إنجازًا نموذجياً في خدمة المدينة. إلا أن التساؤل يطرح نفسه: لماذا لا تستفيد الجماعة من هذه المحطة لتوفير مياه معالجة تُستخدم في ري الحدائق العامة والمنتزهات؟ إن غياب استراتيجية واضحة لاستخدام هذه المياه المستصلحة يُعدّ فشلاً في استثمار موارد متاحة يمكن أن تحسن من جودة المساحات الخضراء وتحافظ عليها.
يُطرح السؤال بشكل أكبر حول كيفية تخصيص المجلس الجماعي للموارد المالية والبشرية للعناية بالحدائق. فمن الواضح أن هناك تقصيرًا واضحًا وسوء تدبير ينعكس سلبًا على هذه المساحات الحيوية. ربما يعتقد البعض أن المسؤولين قد نسوا أو تجاهلوا ببساطة أهمية البيئة الخضراء، مكتفين بأدوارهم المكتبية دون النزول إلى الميدان لمتابعة الأحوال.
في ظل هذا الواقع، لا بد من دعوة المجلس الجماعي إلى تحمّل مسؤولياته والقيام بخطوات جادة لإعادة الحياة إلى المنتزهات والحدائق في خريبكة. يجب أن تكون هناك خطة شاملة للصيانة والتطوير، تشمل استخدام المياه المعالجة من المحطة، مع إشراك المجتمع المحلي في العناية بهذه الأماكن لضمان استدامتها.
في النهاية، إن الإهمال الذي تعاني منه منتزهات وحدائق خريبكة ليس مجرد مسألة جمالية، بل هو انعكاس لسوء التدبير الذي يستوجب مراجعة عاجلة لضمان توفير بيئة صحية وممتعة لسكان المدينة.