زنقة36_غزة مجيد
تعيش شبيبات الأحزاب في المغرب على وقع توترات متزايدة، حيث لم تكن الأحداث الأخيرة في صالح شبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار (شبيبة أخنوش) في الوقت الذي كانوا يحتفلون بنجاح جامعتهم الصيفية. فرغم الاحتفالات والموسيقى، والتي أُختتمت بإيقاع أغنية “مهبول أنا”، جاءت الأحداث لتفسد فرحتهم.
بالمقابل، كانت شبيبات أخرى تعيش أوقاتًا عصيبة، خاصة شبيبة الحركة الشعبية التي تم حرمانها من المشاركة في نفس الجامعة الصيفية. هذا القرار أثار استياء كبيرًا وصل إلى حد إصدار شبيبة الحركة لبيان استنكاري رسمي، يعبر عن رفضها لسياسة الإقصاء التي تعرضت لها. هذا التصعيد يعكس التوتر المتزايد بين شبيبات الأحزاب، ويظهر كيف أصبحت الأنشطة الحزبية مسرحًا للصراعات الداخلية بدل أن تكون منصة للتكوين السياسي والتعاون بين الشباب.
كان من المتوقع أن تستمر شبيبة الأحرار طيلة الأسبوع في الترويج لنجاحاتها وبرامجها، إلا أن الأحداث المتسارعة دفعتها إلى اتباع سياسة “الانحناء إلى حين مرور العاصفة”. هذه الاستراتيجية، التي تُشبه سياسة “الاختباء إلى حين طلوع النهار”، تجنبت المواجهة المباشرة مع الانتقادات الموجهة إليها. بدلاً من تقديم حلول حقيقية، كان التركيز على الاستعراض والتباهي، مما أدى إلى تجنب معالجة القضايا الأساسية.
ما حدث في الفنيدق ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو جرس إنذار يستدعي منا الوقوف بجانب الشباب، مستقبل هذا الوطن. إنها لحظة حاسمة تدعونا إلى التفكير العميق في احتياجاتهم وطموحاتهم، والعمل بجدية لتقديم حلول عملية تلبي تطلعاتهم وتمنحهم فرصة للعيش بكرامة وأمل.
الشباب بحاجة إلى تأطير جيد يرتكز على التوجيه السليم والبلورة الحقيقية لإمكاناتهم. إنهم يحتاجون إلى من يفتح أمامهم الأبواب ويمنحهم شرف المحاولة والمشاركة، وليس فقط التواجد في الفعاليات دون فائدة. الشباب هم الثروة الحقيقية لهذا الوطن، ويحتاجون إلى أيدٍ أمينة تستثمر فيهم بصدق وتسعى لتطويرهم.
لو تم توعية الشباب بأهمية المستقبل وخلق برامج تأطير حقيقية بعيدة عن اللهو والإلهاء بالأغاني والشعارات الجوفاء، لكانت النتيجة مختلفة تمامًا. بدلاً من منحهم الفرص لتنمية أفكارهم وتوجيههم نحو الأفضل، أصبح الهدف الرئيسي لبعض الأحزاب هو التباهي بجذب أكبر عدد من الشباب إلى الجامعات الصيفية، مما يعكس “التأطير السياسي الفاشل” الذي يعتمد على “الشطيح والرديح”. هذه السياسة لا تُثمر إلا عن الإحباط والانكسار، وتُقدم للشباب صورة مشوهة عن السياسة والتنمية.
وتظهر النتائج بوضوح من خلال مشاهد الهجرة الجماعية، التي تعكس مدى الإحباط الذي وصل إليه الشباب. نقول للحكومة: “احصدوا ما زرعتم”، على إيقاع أغنية “مهبول أنا”. هذا هو “الهبال” الذي قادكم إلى هذه النتيجة الكارثية، حيث تحول الشباب من طاقات واعدة إلى أفواج تحاول الفرار من الواقع المؤلم. في المقابل، تُظهر التجربة الصينية كيف يمكن للتخطيط بعيد المدى والاستثمار في الشباب أن يحولهم إلى قوة دافعة للتنمية والابتكار، مما يضعنا أمام ضرورة إعادة النظر في استراتيجياتنا وتنمية برامج تتماشى مع طموحات الشباب وتساعدهم في بناء مستقبلهم.