خريبكة تصرخ تحت وطأة جحيم الصيف.

3 أغسطس 2024آخر تحديث :
خريبكة تصرخ تحت وطأة جحيم الصيف.

إدريس سحنون

جلست في أحد مقاهي الفردوس، أتلمس برودة المكيف، هاربا من الحرارة المفرطة التي تكاد تذيب مدينة خريبكة في هذا الصيف القاسي . تحولت المدينة التي كانت تُعرف بهدوئها ونقاء أجوائها إلى جحيم متحرك. كل شيء بدا خارجا عن السيطرة، وكأنها تصرخ طلبا للنجدة من ضغط غير متوقع.

في تلك اللحظات، بينما كنت أستمتع بنسمات المكيف الشحيحة، كانت هي تتنفس بصعوبة تحت وطأة موجة الحر الشديدة. الشوارع التي تجمدت حركتها في الصباح وبعد الظهر، أصبحت تعج بحركة غير عادية في الليل. أعداد هائلة من الراجلين يعبرون الطرقات والممرات في فوضى تامة، بينما السيارات ذات الأرقام الأجنبية والدراجات النارية تملأ الدنيا صراخا وضجيجا وهي تتجول بلا هدف، سوى الاستعراض والتباهي على حساب الساكنة المحلية المتبرمة مما حل بها.

ومما زاد الطين بلة الفوضى التي أحدثها المتسولون، الذين حجوا من مختلف المدن المغربية، ليضيفوا إلى معاناة المدينة معاناتهم الخاصة. كما أن أعداد المهاجرين من جنوب الصحراء زادت من تعقيد الوضع. وتفاقمت الأزمة عندما دخلت المدينة مجموعة من المختلين عقليا، جيء بهم في ظروف غامضة من مدن مغربية أخرى على متن حافلتين، كل ذلك عمق الرعب والقلق بين المارة.

أما الأمن، فقد بدا وكأنه مغلوب على أمره. رجال الشرطة، الذين حاولوا إدارة حركة المرور وضبط الوضع، يتنقلون بين المشاهد المليئة بالضجيج والفوضى، عاجزين عن السيطرة على الأمور. كل شيء هنا كان ينهار تحت وطأة الصيف، وكأن خريبكة تصرخ من عمق جحيمها، دون أن تجد من ينقذها من هذا الوضع غير المسبوق. مدينةخريبكة تتأرجح على حافة الفوضى، بعد أن تحولت الحياة فيها إلى اختبار مرهق لكل من يمر بها من الساكنة المحلية، في ظل هذا الصيف القاسي والفوضوي. ليست هذه المدينة عاصمة سياحية، بل هي مجرد مدينة فقيرة  بفوسفاطها ولا حظ لها إلا الغبار المتطاير والحرارة المتصاعدة والأسعارها الملتهبة والجحافل المتقاطرة عليها من كل حدب وصوب. 

ولعلها وهي المهمشة ثقافيا وترفيهيا تبحث عمن ينقذها من هذا الجحيم، الذي حول كل زاوية فيها إلى ساحة من الألم والقلق والحيرة…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق