بقلم: غزة مجيد
في خريبكة، المدينة التي لا تشبه إلا نفسها، القرار شيء، والواقع شيء آخر. على الورق، العربات المجرورة ممنوعة. في الشارع، العربات المجرورة مباحة. والأدهى: تحمل الناس صوب البوابة المادية للمستشفى، وكأنها تسخر من القانون، وتضعه في قفص الاتهام.
خريبكة مدينة العجائب.
هنا يمكنك أن تجد مقرراً جماعياً مرّ بالتصويت وصادق عليه أغلب الأعضاء المنتخبين، والساكنة هي التي وضعت فيهم الثقة. صوتوا على المنع، لكن الشارع صوت على الإباحة. وبين التصويتين يعيش المواطن يومه فوق عربة خشبية، في اتجاه مؤسسة يُفترض أنها عنوان النظام والحداثة.
الخطير أن العربة لم تعد وسيلة لنقل المتاع فقط، بل صارت طاكسي شعبي، تقلّ البشر في وضح النهار. قرار جماعي يولد في قاعة الاجتماعات، ليموت مباشرة عند طريق المستشفى، حيث الفوضى تسخر من القانون وتعلن انتصارها بلا مقاومة.
المفارقة هنا ليست في العربة، بل في مدينة كاملة تدار بمنطق النسيان: نصوص تُقرأ تحت تصفيق الأعضاء، وواقع يسير على إيقاع الدواب. المنتخب يطالب المواطن باحترام القرار، لكنه عاجز عن فرضه في أبسط تجلياته.
العربة التي اتجهت نحو المستشفى لم تحمل ركاباً فقط، بل حملت معها صورة مدينة عالقة بين زمنين: زمن تريد أن تكون فيه حديثة، وزمن تعيشه بالفعل… بألواح من خشب، وعجلات تصرخ من شدة الصدأ.