زنقة36_بني ملال
في اطار برنامج المقاهي الثقافية في السجون، حل الباحث و الأكاديمي سعيد بنيس ضيفا على المقهى الثقافي بالسجن المحلي بني ملال، يومه الخميس 18 ماي 2023، في لقاء فكري مفتوح مع نزلاء ونزيلات المؤسسة، حول كتابه الموسوم بعنوان: “تمَغْرِبِيتْ… محاولة لفهم اليقينيات المحلية”.
فبعد الترحيب بضيف اللقاء من طرف إدارة المؤسسة، قدمت الكاتبة أمينة الصيباري، نبذة مختصرة من سيرته الذاتية، مشيرة إلى أنه باحث وأكاديمي بجامعة محمد الخامس الرباط، حاصل على درجة دكتوراه الدولة في العلوم الاجتماعية سنة 2006، بكلية الآداب و العلوم الانسانية بالرباط، وعضو بمجموعة من اللجن و المؤسسات العلمية، كما أنه باحث مهتم بقضايا التنمية الجهوية و القيم الثقافية و التغير الاجتماعي، القيم و الأخلاق، الهوية السياسية…، وله العديد من المساهمات العلمية الفردية و الجماعية.
وفي مستهل حديثه، نوه الباحث وأستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط سعيد بنيس بفكرة المقاهي الثقافية في السجون، وأكد على اهمية هذا النوع من اللقاءات التي يحتضنها المقهى الثقافي بالمؤسسة، سواء من حيث غنى المواضيع التي يتم تتناولها، نظرا لما تكتسيه من أهمية وراهنية، وما يستتبعها من نقاش عميق مع نزيلات ونزلاء المؤسسة ، فهي بحق تشكل فضاءا رحبا للنقاش الجاد والمسؤول ومجالا للتكوين والتأهيل لإعادة الادماج.
و أشار الأستاذ سعيد بنيس خلال حديثه عن المؤلف موضوع اللقاء إلى أن كتابه “مَغْرِبِيتْ… محاولة لفهم اليقينيات المحلية”، عمل حاول يعيد إلى دائرة الاهتمام بمفهوم تمغربيت في ظل متغيرات التي عرفها ويعرفها المجتمع المغربي، وما طرأ عليه من تحولات جذرية وتفاعلات في العالمين الواقعي الافتراضي، وتروم محاولته هذه فهم سردية تمَغْرِبِيتْ والغوص في جدوى استيعاب اليقينيات المحلية، واعادة التأمل في بعض ملامح الشخصية و الهوية المغربية.
كما أوضح بنيس أن تمَغْرِبِيتْ ترتبط بطريقة عمودية وأفقية بجميع مناحي حياة المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، من خلال تصوراتهم و تمثلاتهم ومواقفهم وأفكارهم حول بوادر الشخصية المغربية و مقولة الأمة المغربية و التنوع و التعدد و القوى الناعمة و البيئة الثقافية وثنائية الرسمي و الترابي و التمظهرات الهوياتية و الطقوس الغذائية، حيث قال:” إن ما يميزنا هو تاريخنا” فتمَغْرِبِيتْ هي المظلة الثقافية لكل مغربي بغض النظر على أصلة الثقافي أو اللغوي، مشيرا كذلك إلى أن غلاف الكتاب يحيل على هذا الغنى و التنوع الثقافي الذي يميز المغرب بكل مكوناته الثقافية و التاريخية و المجالية.
ويضيف بنيس أن محاولته هذه تروم فهم سردية تمَغْرِبِيتْ، كسردية مغربية تتقاطع ضمنها اليقينيات المحلية، وأضحت خيارا استراتيجي وثقافي ومؤسساتي وسياسي ودستوري وإنساني وحضاري. يقتضي تثبيتها عبر ضبط آليات التساكن وممكنات العيش المشترك وتعزيز عناصر الرابط الاجتماعي وبناء عقد مجتمعي، أساسه تحقيق تنمية نوعية، تزاوج بين القوى الناعمة والقوى الصلبة، وتُبَوِّئُ المملكة المغربية مكانة متميزة على الصعيد الإقليمي والعالمي. لاسيما في ظل تراجع قيم العولمة واسترجاع مرجعيات الخصوصية ومن بينها سردية تَمَغْرِبِيتْ التي تنبئ بظهور مناطق غير معولمة، ترتكز على إعادة اكتشاف قيمة الاكتفاء الذاتي، وتعميق التمثلات حول اليقينيات المحلية.
وتخلل هذا اللقاء العلمي قراءات أعدها النزلاء المشاركون حول كتاب: ” تمَغْرِبِيتْ محاولة لفهم اليقينيات المحلية” للأستاذ سعيد بنيس، تناولت في مجملها المنطلقات الفكرية التي تأسست عليها سردية تمغربيت، و العناصر المؤسسة لسردية تَمَغْرِبِيتْ، وعن العلاقة التي تجمع بين تَمَغْرِبِيتْ كهوية جامعة للمغاربة ضمن تقاطعات اليقينيات المحلية في زمن العولمة، وكذلك أبرز التمظهرات الهوياتية لتَمَغْرِبِيتْ. وكيف يمكن لها ان تؤسس لمجتمع العدالة الاجتماعية ومجتمع المعرفة ولنموذج تنموي جديد، وكيف يمكن للقوى الناعمة أن تبوء المغرب مكانة متميزة على المستوى الاقليمي والعالمي…
وفي إطار التفاعل الإيجابي من طرف الأستاذ بنيس مع ما ورد في تدخلات وقراءات النزلاء، قال: “في الحقيقة أنا جد سعيد بهذه القراءات المتميزة و العميقة التي قدمت حول الكتاب، مضيفا أن الكتاب هول محاولة لتسليط الضوء على مجموعة من التمظهرات المرتبطة بتمَغْرِبِيتْ ، مشيرا إلى بعض النماذج المتجذرة و المتداولة بجهة بني ملال خنيفرة من خلال مكون اللغة و التنويعات الترابية، فاللغات مختلفة والثقافة واحدة. فتَمَغْرِبِيتْ حسب بنيس بيئة قيمية للعيش المشترك ومبدأ للتعدد والتنوع تحيل على فرادة المغاربة ووحدتهم، كم أنها دليل قيمي ومرجعية استشارية للفاعلين السياسيين و الاقتصاديين للتفاعل مع اشكالات التنمية .
يشار إلى أن برنامج المقاهي الثقافية بالسجون فكرة أطلقتها المندوبية منذ سنة 2017 في إطار الجيل الجديد من البرامج التأهيلية، التي يتم من خلالها تمكين نزيلات و نزلاء المؤسسات السجنية من لقاءات مع رجالات الثقافة والفن والعلم، وعيا منها بضرورة اعتماد وسائل ناجعة ترمي إلى تحقيق التكامل بين البرامج الثقافية والفكرية وبرامج تأهيل السجناء لإعادة الادماج، وتطوير مجال انفتاح السجين على العالم الخارجي تمهيدا لإدماجه فيه.