بلوكاج المجلس الإقليمي بقلعة السراغنة، وسيناريوهات المستقبل

23 يناير 2023آخر تحديث :
بلوكاج المجلس الإقليمي بقلعة السراغنة، وسيناريوهات المستقبل

مولاي ادريس بنفاىدة

.انطلاقا من كون التنظيم الترابي للمملكة تنظيما لامركزيا، يقوم على الجهوية المتقدمة حسب الفصل الثالث من دستور المغرب الصادر سنة 2011، وانطلاقا من الهيكلة اللامركزية للوحدات الترابية بالمغرب، تنص مقتضيات الفصل 135 من ذات الوثيقة الدستورية على أن مجالس العمالات و الأقاليم، جماعات ترابية، ذات شخصية معنوية، خاضعة للقانون العام، وتسير شؤونها بكيفية ديمقراطية.

ولئن كانت هذه الوحدات تدخل ضمن أحد مستويات التنظيم الترابي اللامركزي، القائم على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة و المستدامة. و يساهم إلى جانب الجهات و الجماعات في تفعيل السياسات العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال امتداداته في السلطة التشريعية.

ولكل هذه الغايات السامية، تم الإرتقاء به إلى مؤسسة دستورية، وخول المشرع الدستوري لرؤساء هذه الوحدات مهام تنفيذ مداولات مجالس الأخيرة و مقرراتها، وغيرها من الإختصاصات و الصلاحيات التي نصت عليها القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية لأجل تكميل و تفسير المقتضيات الدستورية ذات الطبيعة العامة و غير التفصيلية.

وفي هذا السياق، ومن خلال استقراء مضامين القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، نقف على كون المشرع عمل على تنظيم كل مجالات اشتغال هذه الوحدات، ووضع ضوابط وشروط شكلية و موضوعية لضمان حسن سير هذه المؤسسات في أفق تحقيق أهدافها التنموية، وترجمة اختياراتها إلى سياسات ترابية تستجيب لتطلعات الساكنة و الشركاء و باقي المؤسسات التي تتقاطع معها في أهداف تقديم خدمات عامة ذات جودة، كما سن مقتضيات وقواعد و أحكام تنظم حالات التنازع و الصراع و التدافع الذي يعتبر سمة لصيقة بهذه الوحدات باعتبارها منبثقة من فعل انتخابي قائم على فلسفة التدافع و الصراع الذي يصل أحيانا للقطيعة أو “البلوكاج”.

ومن خلال تتبعنا لمجريات سير المجلس الإقليمي لقلعة السراغنة، منذ انتخابه، وتشكيل هياكله عقب استحقاقات 8 شتنبر 2021، وما خلفته من تنافر و قطيعة، لأسباب واعتبارات سياسية، تحول دون تحقيق الأهداف و الغايات المرجوة، بل و المطلوبة لخدمة التنمية الترابية بالإقليم، وكذا تأثيرها بشكل مباشر أو غير مباشر على مؤسسات ترابية أخرى، يجعلنا نقف أمام هذا الوضع السياسي الغير طبيعي واللامألوف في مثل هذه الحالات.

ويتجسد إشكال هذه المؤسسة، في فقدان التحالف المسير للأغلبية، لأسباب أو لأخرى، تجعل وثيرة عمل المجلس الإقليمي متسمة بالبطئ، والتدافع، والصراع، و المقاطعة، ونقل الصراع من الميدان السياسي إلى المحاكم الإدارية للبث في صوابية و أحقية مايدعيه كل فريق.

وفي تقديرنا لهذه الوضعية، لا يمكننا إلا الجزم بضياع الزمن التنموي، في ظل صراع سياسي لا يبدو أنه سينفرج في المستقبل القريب. وبكل تجرد وموضوعية وفي ظل “اللافعل” المعبر عنه من طرف سلطات المراقبة الإدارية، نتقاسم مع المهتمين و الباحثين و المتتبعين السيناريوهات القانونية المحتملة لوضعية هذه المؤسسة في المستقبل.

1- استمرار الوضع على ما هو عليه، في ظل تشبث الفريق المسير بأحقيته، وبقراراته في مقابل استمرار الأغلبية المعارضة في مقاطعة الجلسات كتعبير احتجاجي، ولجوءها للقضاء الإداري لأجل البث في الخلافات الغير محسومة، وانتظار أحكامه، وفق ما تقتضيه المساطر القضائية و درجات التقاضي من مدة زمنية قد تناهز او تتجاوز مدة ولاية المجلس.

2- انتظار انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس، ليتمكن ثلثي أعضاء المجلس المزاولين لمهامهم، من تقديم طلب بإقالة الرئيس من مهامه، ويدرج هذا الطلب وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس، وفي حال تمسك الرئيسه بمنصبه، يقتضي القانون أن تتم إقالته بعد موافقة ثلاث أرباع أعضاء المجلس المزاولين لمهامهم. ويعتبر هذا السيناريو مستبعدا في حالة قلعة السراغنة، لاعتبارات حزبية و تنظيمية. ويجد هذا الإحتمال سنده القانوني في مقتضيات المادة 71 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم.

3- يجيز القانون التنظيمي لعامل العمالة أو الإقليم، إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية من أجل حل المجلس، إذا اعتبر أن مصالح العمالة أو الإقليم مهددة لأسباب تمس بحسن سير المجلس. ويبقى هذا الإختيار الذي تجيزه المادة 73 من القانون التظيمي المومأ إليه سلفا، مرتبطة بتقدير السيد عامل الإقليم، انطلاقا مما يتوفر عليه من معطيات ووقائع باعتباره ممثلا للإدارة المركزية بالإقليم، وكذا باعتباره سلطة للمراقبة الإدارية في الجماعات الترابية.

#مولاي_ادريس_بنفائدة
#باحث_في_القانون_العام_و_العلوم_السياسية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق