زنقة36
في مشهد بات مألوفًا ومُكرّرًا، لا يخجل بعض الناس من القفز من موقف إلى نقيضه، متى ما لاح في الأفق طيف مصلحة. يشتمون اليوم، ويُصافحون غدًا، ويتظاهرون بالنُبل بعد أن ذاقوا طعم المكاسب. المواقف بالنسبة لهم ليست مبادئ، بل أدوات قابلة للبيع والتأجير.
ومن أوضح الأمثلة، ما نستلهمه من تجربة حقيقية في إحدى مدن البلاد، حيث اشتهر بعض البُخلاء المحليين بكيل السباب لأحد أعيان المدينة، لا يذكرونه إلا بالسوء، وينسجون حوله حكايات التهم والعيوب.
لكن ما إن تقلّد ذلك الرجل منصبًا سياسيًا ، حتى سارعوا إلى تهنئته، ونشَروا تبريكات وأعادوا تدوير الأقوال، بل وصفوه بـ الرجل الحكيم و القائد الشجاع ، متناسين ما قالوه عنه بالأمس القريب.
هؤلاء ليسوا فقط بُخلاء في المال، بل في المروءة والصدق أيضًا.
لا يعطون موقفًا صادقًا، ولا يدافعون عن فكرة إلا إذا ضمنت لهم مصلحة أو فتات منصب.
في زمنٍ ارتفعت فيه قيمة النفاق، تحوّلت الشتائم إلى جسور، والخصومات إلى تحالفات عابرة.
أما البُخلاء، فهم أوّل من يُغير جلدَه… لأنه لم يكن صادقًا من الأساس.
هكذا تُباع المبادئ في سوق المصالح، ويُسعَّر الولاء بثمن اللقاء القادم.