زنقة36_غزة مجيد
بيان للرأي العام الوطني
المنظمة المغربية لحماية المال العام
تتابع المنظمة المغربية لحماية المال العام، ومعها عموم المواطنات والمواطنين المؤمنين بقيم العدالة والنزاهة، بقلق بالغ واستياء شديد التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، خلال مداخلته أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، يوم الثلاثاء 11 مارس 2025. هذه التصريحات، التي جاءت في سياق مناقشة المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، حملت رفضًا قاطعًا لأي تعديل يمس جوهر هذه المادة، التي يبدو أنها صيغت خصيصًا لتقويض دور المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، وللحد من صلاحيات النيابة العامة في تحريك المتابعات ضد المتورطين في نهب المال العام.
وإذ ندين بشدة هذا التوجه الخطير، فإننا نرى فيه تهديدًا صريحًا لمبادئ الشفافية والمحاسبة، وانحرافًا تشريعيًا يسعى إلى توفير غطاء قانوني لحماية الفاسدين، بدلًا من تعزيز آليات الرقابة والمساءلة. كما أن دعم الوزير لمنح الامتياز القضائي لرؤساء الجماعات الترابية، تحت ذريعة “إعادة الهيبة للعمل السياسي”، لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لتكريس الإفلات من العقاب وإرساء منطق الحصانة غير المشروعة، وهو ما يتنافى تمامًا مع التزامات المغرب الدولية ومع مقتضيات الدستور الضامنة للمساواة أمام القانون.
وفي هذا السياق، وبعد اجتماع المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحماية المال العام يوم 14 مارس 2025، نعلن للرأي العام الوطني ما يلي:
أولًا:
تنديدنا القاطع بالمواقف اللامسؤولة لوزير العدل، التي تمثل انقلابًا على مبادئ الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، ومحاولة لترهيب المجتمع المدني وتقويض دوره الدستوري. إن هذه التصريحات، المدعومة من رئيس فريق حزبه بالبرلمان، تشكل خرقًا سافرًا للفصلين 70 و71 من الدستور، وتكشف عن توجه ممنهج لإفراغ آليات المحاسبة من مضمونها، في خطوة تثير الشبهات حول توظيف السلطة التشريعية لخدمة أجندات انتخابية ضيقة.
ثانيًا:
رفضنا القاطع لتغييب المقاربة التشاركية في إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية. إن تجاهل رأي المجتمع المدني والهيئات الحقوقية يشكل انتهاكًا صارخًا للفصل 12 من الدستور، ويعكس إرادة مسبقة لتمرير نصوص تخدم لوبيات الفساد، في تراجع خطير عن المكتسبات التي راكمها المغرب في مجالات الشفافية والحكامة الرشيدة.
ثالثًا:
تأكيدنا أن الديمقراطية التشاركية ليست مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، بل هي التزام دستوري نص عليه الفصل الأول من الدستور، وهو ما يفرض على وزارة العدل احترامه والانخراط في حوار حقيقي مع مكونات المجتمع المدني، بعيدًا عن أي نزعة إقصائية أو تحكمية.
رابعًا:
تشديدنا على أن المجتمع المدني شريك أساسي في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، وفق ما يضمنه الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وأي محاولة لتقييد هذا الدور تعد تراجعًا مرفوضًا عن التزامات الدولة المغربية، وانتكاسة قانونية تضر بصورة المغرب على الصعيد الدولي.
خامسًا:
رفضنا القاطع للمادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية بصيغتها الحالية، نظرًا لكونها تتناقض بشكل صارخ مع الفصول 12، 13، 14، و15 من الدستور، وتؤسس لمرحلة جديدة من الحصانة غير المشروعة، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على جهود محاربة الفساد وإرساء سيادة القانون.
سادسًا:
استغرابنا العميق وقلقنا البالغ من بعض التصريحات الصادرة عن وزير العدل، والتي تجاوزت في مضامينها حدود الخطاب الوزاري المسؤول، واتسمت بنبرة تحمل دلالات مقلقة قد تُفهم على أنها مساس بثوابت الدولة ومؤسساتها الدستورية. إن صدور مثل هذه التصريحات من عضو في السلطة التنفيذية، من المفترض أن يكون حريصًا على احترام الدستور وترسيخ دولة القانون، يضع الحكومة أمام مساءلة أخلاقية وسياسية عميقة حول مدى التزامها بقواعد الحكم الرشيد.
ختامًا، فإننا نؤكد ما يلي:
رفضنا التام لأي محاولة تهدف إلى شرعنة الفساد أو توفير غطاء قانوني لحماية المتورطين فيه.
تصميمنا على الدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي في مجال المحاسبة والشفافية، والتصدي بكل الوسائل القانونية المشروعة لكل المبادرات التشريعية التي تسعى إلى تقويض هذه المكتسبات.
**دعوتنا كافة القوى الحية والديمقراطية إلى رص الصفوف