خبايا التحالفات السياسية في خريبكة: ابتزاز أم تمرد على الأغلبية؟

17 أكتوبر 2024آخر تحديث :
خبايا التحالفات السياسية في خريبكة: ابتزاز أم تمرد على الأغلبية؟

زنقة36_غزة. مجيد
يشهد المشهد السياسي في إقليم خريبكة تطورات غير متوقعة تكشف هشاشة التحالفات الحزبية التي كانت تبدو متينة في ظاهرها. ما يجرى في الانتخابات الجزئية الأخيرة بالإقليم أثار تساؤلات عميقة حول مدى جدية الالتزام بالميثاق الثلاثي الذي يجمع أحزاب الأغلبية. هذه الأوضاع تفتح الباب للتأمل في الأبعاد السياسية الخفية وراء هذه التحركات، في وقت تتزايد فيه الهجمات على شخصيات بارزة مثل عادل بركات، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة بني ملال-خنيفرة.

الانتخابات الجزئية الأخيرة في خريبكة كشفت عن ضعف التنسيق بين الأحزاب المكوِّنة للأغلبية. في سابقة غريبة، شهدنا دعمًا في الخفاء من أعضاء ينتمون إلى أحزاب الأغلبية لصالح مرشح المعارضة، حيث وصل الأمر إلى حد دق أبواب المنازل ليلاً لحشد الدعم لهذا المرشح. هذا التصرف يثير علامات استفهام كبيرة حول مدى انضباط هؤلاء الأعضاء، ويطرح فرضية أن التنسيق بين الأحزاب قد يكون مجرد واجهة لتفاهمات ظرفية تجري خلف الكواليس. هنا يبرز المثل الشعبي “عين ما شافت، قلب ما أوجع” ليعكس طبيعة هذه التحالفات السرية، حيث يتم التغطية على الانقسامات الداخلية عبر تجاهلها عمدًا.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل يعلم قادة الأحزاب بما يجري فعلاً على المستوى المحلي؟ يبدو أن قيادات الأحزاب قد تكون على علم بما يحدث، ولكنهم يفضلون الصمت، إما لتفادي الدخول في صراعات داخلية قد تؤدي إلى المزيد من الانقسام، أو لأنهم يعتبرون هذه التحركات مجرد تكتيكات محلية لا تستدعي التدخل المباشر. ورغم توقيع القيادات العليا للأحزاب على ميثاق التنسيق، فإن هذا الاتفاق يبدو، في نظر المتتبعين، مجرد “حبر على ورق”، ولا يملك قوة إلزامية كافية لضبط الأعضاء على المستوى المحلي.

ولم تقتصر الأحداث على الانتخابات الجزئية، بل امتدت إلى هجمات استهدفت عادل بركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة على الفيسبوك. هذه الهجمات المتكررة تثير تساؤلات حول دوافعها الحقيقية، خاصة أن بعض الشخصيات التي تقود هذه الحملة كانت إلى وقت قريب تدعم الأغلبية وتعمل وفق أجندات تتماشى مع مصالحها، ولكنها اليوم تجد نفسها في صف المعارضة.

في ظل هذه الأحداث، تتجلى التناقضات بوضوح في الإقليم: حلال علينا مساندة مرشح المعارضة، وحرام عليك ياغادل بركات مساندة مرشحك من حزب الجرار هذه الفوارق الصارخة تثير الاستغراب في المشهد السياسي بإقليم خريبكة، حيث أصبح من المألوف رؤية تناقضات واضحة في المواقف والتوجيهات.

هذه التطورات تعيدنا إلى الحديث عن الابتزاز السياسي الذي قد يكون موجهًا لرئيس الجهة شخصيا. ليتحول الصراع من ميدان الأفكار والمشاريع التنموية إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية، ما دفع بالبعض إلى الاستعانة بخصومهم السياسيين في المعارضة لتحقيق مآربهم الشخصية.

ما يحدث في إقليم خريبكة يعكس مشهدًا مختلفًا تمامًا. الميثاق الثلاثي، الذي يُفترض أن يكون ركيزة لتوحيد الصفوف، تحول إلى مسرحية هزلية تعكس حالة من الانقسام والابتزاز المتبادل.

تلك الممارسات تدفعنا للتساؤل: هل أصبح الابتزاز السياسي قاعدة أساسية في المشهد الحزبي المغربي؟ وما الذي تبقى من قيم التضامن الحزبي والتنسيق المشترك؟.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق