تداخل السياسة والتنمية: نحو رؤية فلسفية ومستقبلية في تصريحات عادل بركات حول الانتخابات الجزئية في خريبكة

16 أكتوبر 2024آخر تحديث :
تداخل السياسة والتنمية: نحو رؤية فلسفية ومستقبلية في تصريحات عادل بركات حول الانتخابات الجزئية في خريبكة

زنقة36-غزة

في خضم الأحداث السياسية التي تشهدها الساحة المحلية، تقف تصريحات رئيس جهة بني ملال خنيفرة، عادل بركات، شاهداً على رؤية أكثر عمقاً، تتجاوز حدود الحسابات السياسية الآنية وتلج إلى آفاق أرحب ترتكز على فلسفة القيادة الحكيمة والتنمية المستدامة. بركات لم يتوقف عند الرد التقليدي على الانتقادات الموجهة إليه، بل طرح إطاراً فكرياً أوسع يؤكد أن العمل التنموي لا ينبغي أن يخضع للتقلبات السياسية ولا للضغوط الحزبية الضيقة.

حين دعا بركات إلى اللجوء للمؤسسات القضائية لحسم النزاعات، كان يضع حجر الأساس لفكرة أوسع تتعلق بسيادة المؤسسات واحترام القوانين كإطار ضامن للاستقرار والتنمية. ففلسفة بركات هنا لا تقوم فقط على الرد العملي، بل على إرساء منهجية مؤسسية بعيدة عن الشعبوية والجدالات السطحية، تؤكد أن الدولة الحديثة تقوم على أسس صلبة من سيادة القانون والتعاون بين السلطات المختلفة، لا على النزاعات الشخصية أو المناوشات السياسية الضيقة.

إن حديثه عن استمرارية عمل مؤسسة الجهة، حتى في خضم الحملات الانتخابية، يحمل في طياته فلسفة سياسية ترفض الجمود والعطالة التنموية بسبب الظروف السياسية العابرة.

يرى البراكات أن التنمية ليست خياراً يمكن تأجيله أو تعطيله، بل هي ضرورة دائمة ومستدامة تتطلب رؤية بعيدة المدى تتجاوز اللحظة الانتخابية أو التحولات السياسية.

تنبع هذه الرؤية من إيمان عميق بأن الجهة ليست مجرد كيان إداري، بل هي جزء من منظومة اجتماعية واقتصادية تسعى لتحقيق حياة أفضل للمواطنين عبر مشاريع استراتيجية طويلة الأمد.

في سياق الانتقادات المتعلقة بإقليم خريبكة، لم يقتصر رد بركات على تقديم إحصائيات وأرقام حول المشاريع القائمة والمستقبلية، بل فتح نافذة على المستقبل، حيث أبرز أهمية المشاريع الكبرى التي يتم الإعداد لها والتي تهدف إلى خلق تنمية اقتصادية مستدامة تتجاوز الحلول المؤقتة. فلسفة التنمية لدى بركات تعتمد على استشراف المستقبل والتخطيط بعيد المدى، وهو ما يظهر جلياً في مشاريعه الكبرى مثل الطريق المزدوج وإنشاء المنطقة الصناعية، والتي لا تهدف فقط إلى تلبية احتياجات اليوم، بل إلى تهيئة البنية التحتية للأجيال القادمة.

ومن زاوية فلسفية، يعكس حديث بركات عن دوره السياسي كعضو في المكتب السياسي لحزبه، توجهاً ناضجاً يرى في العمل السياسي أداة لخدمة المصلحة العامة، وليس ساحة لتصفية الحسابات أو تعزيز المصالح الذاتية. اختياره عدم المشاركة في الحملة الانتخابية احتراماً لبقية المرشحين يظهر التزاماً بأخلاقيات العمل السياسي وقيم الديمقراطية التي تحترم التعددية والتنافس الشريف. هذا الموقف يعكس رؤية متقدمة حول الدور القيادي، حيث يُنظر إلى السياسي ليس كحزب أو جهة، بل كمسؤول يضطلع بمهمة أخلاقية وتاريخية لخدمة المواطنين.

وفي ختام الأمر، تتجلى فلسفة بركات في فهمه العميق لجوهر السياسة: أن تكون وسيلة لبناء مجتمعات مستدامة تقوم على القيم والعدالة وتستشرف المستقبل دون الانغماس في متاهات اللحظة. إن مستقبل الجهة، في رؤية بركات، ليس رهيناً بالتجاذبات السياسية أو الحسابات الحزبية، بل هو مسار تنموي مفتوح على جميع الاحتمالات، يرتكز على الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص حقيقية للمواطنين، بعيداً عن الصراعات الضيقة.

تظل رؤية بركات لمستقبل جهة بني ملال خنيفرة دعوة إلى تجاوز المحدود والآني، نحو تبني فلسفة تنموية عميقة، ترتكز على الإيمان بأن التنمية ليست مجرد مشروع عابر، بل هي استثمار في المستقبل، في الإنسان، وفي قيم العدالة والمساواة التي تتجاوز حدود الزمن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق