زنقة36_غزة مجيد
في إطار الجهود المتواصلة لمكافحة الفساد وتعزيز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في المغرب، برزت مؤخرًا تطورات مهمة في قطاع الصحة. وقد كانت المنظمة المغربية لحماية المال العام سباقة في مقدمة الجهات التي تتابع هذه القضية عن كثب، حيث وضعت العديد من الشكايات ضد بعض المسؤولين داخل الوزارة، لتصل القضية إلى أروقة المحاكم. وفي تصريح صحفي أدلى به السيد محمد سقراط، رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام ، تم تسليط الضوء على مسار هذا الملف وأهمية الأحكام الأخيرة التي صدرت في هذا الصدد بقسم جرائم الاموال باستئنافية الدارالبيضاء .
حيث أكدت المنظمة على عدة شكايات متعلقة بالفساد ونهب للمال العام والتلاعب في الصفقات العمومية وسندات الطلب في مواجهة بعض المسؤولين السابقين داخل وزارة الصحة ومقاولين وكل من ثبت تورطه في تلك التجاوزات الخطيرة . وقد استندت هذه الشكايات إلى تقارير لمؤسسات رسمية ، حيث كشفت عن خروقات مالية وإدارية. ومن بين المسؤولين الذين شملتهم هذه الشكايات، تم اعفائهم من طرف وزير الصحة في سابقة أولى من نوعها في القطاع .
وأوضح سقراط أن هذه الملفات كانت نتيجة لتحقيقات دقيقة أشرفت عليها مؤسسات الافتحاص ، وأن وزير الصحة الحالي، خالد آيت الطالب، لعب دورًا حاسمًا في إحالتها إلى القضاء. وأن هاته الخطوة، وفقًا للمنظمة ، تعكس التفاعل الايجابي والجاد والمسؤول للالتزام الوزير بتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو مبدأ دستوري أساسي في المغرب.
أعربت المنظمة عن ارتياحها التام بالأحكام الصادرة والرادعة ضد بعض المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد داخل قطاع الصحة، واصفًا إياها بالأحكام “المنصفة” التي تبعث على الارتياح لدى الرأي العام ، وأشادت بالمسار القضائي وبمفهوم المحاكمة العادلة التي أتاحت لمحاسبة المسؤولين وتقديمهم للعدالة، معتبرًا أن هذه الأحكام تؤكد التزام القضاء المغربي بمكافحة الفساد ومحاربة كل ناهبي المال العام.
كما تسجل المنظمة بإيجابية وتفاعل مع الجهود التي يبذلها وزير الصحة خالد آيت الطالب ضد كل أشكال التجاوزات والاختلالات في القطاع من أجل محاربة الفساد وتعزيز الشفافية داخل الوزارة.
في حديثه عن الفترة الحالية، أكد رئيس المنظمة أن وزارة الصحة شهدت تغييرًا كبيرًا في هيكلتها منذ تعيين الوزير آيت الطالب وبالخصوص بعد جائحة كرونا . حيث تم تعيين مسؤولين جدد و كاتب عام جديد، وتجديد فريق إداري مركزي، وهو ما أدى إلى تحسين أداء الوزارة بشكل ملموس. وشدد على أن هؤلاء المسؤولين الجدد أظهروا كفاءة عالية في تدبير الملفات المختلفة، مؤكدًا أن الوزارة تسير في الاتجاه الصحيح نحو تخليق الحياة العامة ومحاربة كافة أشكال الفساد.
وأضاف المتحدث، أن المنظمة المغربية لحماية المال العام تثمّن كل الخطوات التي يقوم بها الوزير آيت الطالب في هذا السياق، معتبرًا أن هذه الجهود تؤكد أن المسؤولين داخل الوزارة ملتزمون بتطبيق القانون والعمل بشفافية ونزاهة.
رغم الإشادة بالجهود الحالية، أكد سقراط أن العمل لم ينتهِ بعد، مشيرًا إلى وجوب محاربة الفساد تتطلب تضافر الجهود بمختلف القطاعات – قضاء مجتمع مدني والفاعلين – لضمان تخليق الحياة العامة ببلادنا.
في الختام، أكد رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام ستظل مستمرة في مراقبة أداء مختلف القطاعات الحكومية، وستواصل تقديم الشكايات ومتابعة ملفات الفساد، دعمًا لسيادة القانون وحماية المال العام.
و تبقى مكافحة الفساد في المغرب معركة طويلة تحتاج إلى مزيد من التنسيق بين الجهات المعنية، ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية . وتبقى التوصية الأهم في هذا السياق هي ضرورة استمرار دعم الشفافية والنزاهة لتطبيق القانون بشكل صارم ضد كل من يثبت تورطه في قضايا الفساد، مهما كان موقعه ومسؤوليته .