زنقة36_غزة مجيد
في خضم المشهد السياسي المتقلب بجماعة بوجنيبة، تتجه الأنظار إلى ثلاثة مرشحين يسعون للفوز برئاسة الجماعة، وسط سباق انتخابي محموم تتداخل فيه المصالح الشخصية والتحالفات الحزبية. مع اقتراب موعد الانتخابات، تبدو البوصلة السياسية غير واضحة، حيث تتأرجح بين تحالفات مفاجئة ومفاوضات تتم في الكواليس. السؤال المطروح هو: من سيتمكن من حسم السباق؟
فاطمة الزهراء خناني، مرشحة حزب التقدم والاشتراكية، تدخل السباق بقدر لا بأس به من الدعم، خاصة بفضل خلفيتها العائلية ومكانتها في المجلس الإقليمي. كونها شقيقة الرئيس السابق الذي تم تجريده من راسة المجلس، تعزز من شعورها بالمسؤولية لاستعادة نفوذ العائلة السياسي. تحمل خناني معها إرثًا سياسيًا يمكن أن يكون سلاحًا ذو حدين؛ فبينما يعتبرها البعض استمرارًا لحكم عائلي، يرى آخرون أن وجودها يمثل فرصة لإعادة الجماعة إلى مسار مستقر بعد فترة من العزل والتغيير.
هجري خليد، الذي يمثل بدوره امتدادًا لعائلة لها تاريخ طويل في إدارة الجماعة، يدخل السباق بثقل علاقاته العائلية التي قد تساعده في كسب أصوات الناخبين. كونه مقاولًا معروفًا، يتمتع هجري بقدرة على التواصل مع قاعدة واسعة من الناخبين، لا سيما في ظل ما قدمه من خدمات سابقة للجماعة من خلال عائلته. ابن عم رئيس الجماعة الأسبق لسنة 2015 وأخو الرئيس السابق، يجعل منه مرشحًا قويًا يمتلك النفوذ والاتصالات المطلوبة لجذب تحالفات مؤثرة.
أما أمين فتاش، مرشح حزب الاتحاد الدستوري، فيتمتع بشعبية راسخة بفضل منصبه داخل المكتب الشريف للفوسفاط. نفوذه ليس محليًا فحسب، بل يمتد إلى نطاق أوسع في المنطقة، حيث ينظر إليه كثيرون على أنه مرشح التغيير والإصلاح. قدرته على توظيف علاقاته وتأثيره الاقتصادي والسياسي يمنحه فرصة حقيقية للظفر بالمنصب، خاصة في ظل تراجع التأييد الشعبي للمرشحين ذوي الارتباطات العائلية القديمة.
من المتوقع أن تشهد هذه الانتخابات الجماعية واحدة من أكثر المواجهات شراسة في تاريخ جماعة بوجنيبة. تحالفات سياسية مفاجئة قد تغير مسار السباق، حيث أن مجلس الجماعة المكون من 28 عضوًا سيصبح ساحة للتفاوض والصفقات. في ظل هذا التنافس المحتدم، سيكون من الصعب توقع من سيحظى في النهاية بدعم الأغلبية لتولي المنصب.
على الرغم من أن كل مرشح لديه نقاط قوة واضحة، فإن الرهان الأكبر سيكون على قدرتهم على تشكيل تحالفات قوية مع الأعضاء الآخرين في المجلس. تلك التحالفات ستكون العامل الحاسم في تحديد الرئيس المقبل للجماعة. إذ يتعين على كل مرشح أن يوازن بين وعوده الانتخابية والمطالب الملحة للناخبين، وبين المصالح الحزبية والتحالفات التي قد تكون الحاسمة في توجيه دفة السلطة.
أيام معدودة تفصلنا عن الكشف عن هوية الفائز، وما هو مؤكد أن مستقبل جماعة بوجنيبة سيحدد بشكل كبير من خلال هذه الانتخابات. هل ستستمر الجماعة في سياستها التقليدية القائمة على النفوذ العائلي، أم ستشهد تحولًا جذريًا نحو قيادة جديدة تقدم رؤية مختلفة؟