زنقة36_غزة مجيد
في عالم القيادة، قد يجد المسؤولون أنفسهم محاطين بأشخاص يتقنون فن التملق. المتملقون هم أولئك الذين يبالغون في مدح القادة ويضفون عليهم أوصافًا تجعلهم يبدون وكأنهم لا يخطئون أبدًا. بينما قد يبدو المديح مبهجًا في لحظته، إلا أنه يحمل في طياته خطرًا كبيرًا على قدرة القائد على اتخاذ قرارات سليمة وموضوعية.
الإمام علي بن أبي طالب كان دقيقًا في وصف هذا النوع من الأشخاص عندما قال: “لا خير في ودّ امرئ متملق، حلو اللسان وقلبه يتلهب”. المتملقون يستخدمون الكلام الحلو لإخفاء نواياهم الحقيقية، والتي غالبًا ما تكون تحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة الجماعة.
التملق يُعزز لدى المسؤولين شعورًا زائفًا بالكمال، هذا الإحساس يمكن أن يقود إلى تجنب التعامل مع المشاكل الحقيقية أو رفض الاستماع إلى النقد البنّاء. وفي هذه الحالة، يصبح التملق أداة هدامة، تُقيد القائد في إطار من الوهم، وتُبعده عن الواقع.
هؤلاء الأشخاص يملأون الهواء بالكلمات الجميلة، لكنهم في الوقت نفسه يُبعدون القائد عن مسار الإصلاح والتقدم. وكما يقول سقراط: “تملق الناس هو الفساد الأخلاقي الأعظم”، لأنه يقود إلى الفشل عبر تجميل الواقع بدلاً من مواجهته.
وينبغي على القادة مواجهة هؤلاء المتملقين والمسفقين بالنقد الصريح. فالتصفيق الزائد والتبجيل لا يؤديان إلا إلى وضع المسؤول في موقف محرج ويزعجانه، حيث يشعر أنه مُلزم بتلبية توقعات غير واقعية. المسؤول لا يحتاج إلى التصفيق، بل يحتاج إلى رعاية متقدمة تتيح له التركيز على الأمور التي تستحق فعلاً. القائد يريد أن يرى الإنجازات الملموسة التي ترتقي بمستوى حياة الناس، ويريد أن يشعر أن جهوده تُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
في خريبكة، نموذجًا، نرى كيف أن اللقاءات التي تركز على التملق والتصفيق تؤدي إلى عرقلة التقدم الحقيقي. في العديد من اللقاءات، يسيطر جو من التبجيل والمديح الزائد على حساب الحوار الصريح والبناء. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الانتهازيين الذين يسعون لأخذ صور سيلفي مع المسؤولين، ليس فقط للتباهي وإنما أيضًا لإكمال نقصٍ في مكانتهم الاجتماعية والتبجح بها في الشارع العام. هذه التصرفات لا تُضيف شيئًا للتقدم ولا تعزز من موقف المسؤول، بل تضعه في موقف حرج وتُعطل عملية الإصلاح.
لذلك، على القادة في خريبكة أن يكونوا حذرين من التملق، وأن يشجعوا بدلاً من ذلك على ثقافة الحوار المفتوح والصادق. القيادة الحقيقية تتطلب مواجهة الحقائق، حتى لو كانت مؤلمة. فالقائد الذي يحيط نفسه بالمتملقين يفتح الباب أمام الفشل، بينما القائد الذي يستمع للنقد ويتفاعل معه، يُرسخ قاعدة النجاح المستدام.
فبدلاً من السعي وراء الكلمات الجميلة، يجب على القائد أن يبحث عن الحقيقة في كل نقاش، لأن الحقيقة وحدها هي التي تقود إلى النجاح.