زنقة36_غزة مجيد
تشهد مدينة خريبكة، كغيرها من المدن المغربية، موجة من الغلاء غير المسبوق في أسعار الدجاج (اللحم الأبيض)، مما أثار استياءً واسعًا بين سكان المدينة المتضررين. هذا الارتفاع الملحوظ في الأسعار له أسبابه المتعددة التي تتداخل فيما بينها، ما أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل لم يعد بالإمكان تجاهله.
أحد أبرز العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع هو **التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة**، حيث أصبحت تربية الدواجن أكثر تكلفة. يتطلب الحفاظ على صحة الطيور في ظل هذه الظروف الصعبة نفقات إضافية لتوفير بيئة مناسبة، مما يزيد من تكاليف الإنتاج وينعكس ذلك بشكل مباشر على سعر الدجاج في الأسواق.
من جهة أخرى، شهدت **أسعار الفلوس (الصيصان)**، التي تعتبر العنصر الأساسي في عملية التربية، ارتفاعًا كبيرًا حيث وصل سعر الفلوس إلى 10 دراهم. هذا الارتفاع جعل من الصعب على المربين شراء الكميات الكافية لتلبية الطلب، مما قلل من حجم الإنتاج وزاد من ندرة المنتج في السوق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ.
ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك، ما يرويه أحد المربين في خريبكة، حيث كان يحتاج لشراء 1000 فلوس لتربية دواجنه، ولكنه لم يستطع الحصول إلا على نصف هذا العدد بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، وهو ما أدى إلى تقليل إنتاجه للنصف تقريباً، وبالتالي زيادة سعر البيع لتعويض الخسائر.
يضاف إلى ذلك، **نقص الفلوس في السوق**، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للمربين. مع انخفاض العرض وزيادة الطلب، كان من الطبيعي أن تشهد الأسعار ارتفاعًا كبيرًا، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يعتمدون على الدجاج كمصدر رئيسي للبروتين في غذائهم اليومي.
ويضرب أحد المواطنين مثالًا على هذه المعاناة بقوله: “إذا كنت بالأمس أشتري كيلوغراماً من الدجاج لإطعام أسرتي، اليوم أضطر لشراء نصفه بنفس السعر”، وهو ما يعكس عمق الأزمة وتأثيرها على الحياة اليومية للأسر.
ولم تسلم المدينة من تداعيات **سياسة الربح السريع** التي يتبعها بعض المربين، حيث يسعون إلى زيادة أرباحهم على حساب المستهلكين من خلال رفع الأسعار بشكل غير مبرر. هذا السلوك، إلى جانب **تشديد الرقابة** من قبل السلطات لتحسين جودة الإنتاج، ساهم في زيادة التكاليف التشغيلية ورفع الأسعار أكثر.
أمام هذه العوامل المتشابكة، يقف سكان خريبكة عاجزين عن مواكبة الارتفاع المستمر في الأسعار، معربين عن قلقهم العميق من استمرار هذه الأزمة دون حلول واضحة. ويطالبون بتدخل سريع وفعال من قبل الجهات المختصة لضبط السوق وتخفيف حدة الأزمة، خصوصًا أن الدجاج يعد جزءًا أساسيًا من مائدتهم اليومية.
ويضرب البعض مثلاً شعبيًا يعبر عن حالهم: “ما قدهم فيل زادوه فيلة”، في إشارة إلى أن كل زيادة في سعر الفلوس تجر وراءها زيادة أخرى في تكاليف الحياة اليومية، مما يجعل الأمور تزداد سوءاً يوماً بعد يوم. ويعبر المواطنون عن إحباطهم بقولهم “ما نضيدش، ما نضيدش”، في تعبير عن العجز عن مواكبة الارتفاعات المستمرة في الأسعار، حيث لم يعد بمقدورهم تحمل تكاليف شراء الدجاج الذي كان في السابق جزءًا أساسيًا من مائدتهم اليومية.
في الختام، تبقى آمال سكان خريبكة معقودة على تدخل حكومي عاجل يعيد الاستقرار لأسعار الدجاج، ويضع حداً لهذا الغلاء الذي أثقل كاهلهم بشكل غير مسبوق.