زنقة36
سـلام تام بوجود مولانــا الامام، دام له العز والنصر والتمكين؛
وبعد، فعلاقة بالموضوع المشار إليه أعلاه، وتفعيلا لكل المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، ولا سيما المبادئ الدستورية، وعلى رأسها: الفقرة الأولى من تصدير دستور 2011، التي تنص صراحة: “إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة”؛ وكذا الفصل 6 من الدستور، والذي ينص فيما ينص فيه، على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له.. تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية..؛ وكذا الفصل 12 من الدستور، الذي ينص هو الآخر فيما ينص فيه، على أنه تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها..؛ وكذا الفصل 23، في الفقرة الخامسة منه نص على ما يلي : ”يتمتع كل شخص معتقل بحقوق اساسية، و بظروف اعتقال انسانية، و يمكنه ان يستفيد من برامج للتكوين و اعادة الادماج”؛ كما أن الفصل 27 من الدستور، والذي نص هو الآخر فيما نص فيه، على أن للمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام..؛ وحفاظا على الأمن والسلم والاستقرار الذي ينعم به الشعب المغربي، في ظل مولانا المنصور بالله، الذي ما فتئ يدعو كل مؤسسات الدولة ـ خاصة تلك التي تشرف المسؤولون عنها، بأداء قسم الإخلاص والوفاء لشعار المملكة الخالد، بين يدي جلالته الكريمتين ـ إلى التفاني في خدمة الشعب المغربي، والعمل على تحسين ظروف عيشه ومعيشته؛ واستحضارا للمقولة العربية المشهورة “كلنا ذلك الرجل”، يشرف المنتدى الوطني لحقوق الإنسان أن يوجه إليكم جميعا رسالته المفتوحة هاته؛
سيادة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة؛
سيادة المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج؛
السيدات الفضليات المعنيات، السادة الأفاضل المعنيون؛
مبدئيا، لا بد من التأكيد عل مسألة مهمة، وهي أننا داخل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، وبالقدر الذي نطالب فيه بضرورة تحسين الوضع الاجتماعي والإداري والمادي لموظفي إدارة السجون وإعادة الإدماج؛ وكذلك بالقدر الذي نؤكد فيه على أن هذه الشريحة من المجتمع، تقوم بأدوار جبارة مسيجة بشتى أنواع المخاطر والأخطار، منها النفسية والصحية وسلامتهم البدنية، أثناء ممارستهم لمهامهم، وكذا خارج أوقات عملهم.. أدوار لا تعكسها لا أُجرهم الشهرية، ولا تعويضاتهم المالية، التي تكاد تكون منعدمة بالنسبة للعديد من السلاليم؛ وعلى قدر هذا القدر من التضامن مع هؤلاء الموظفين، فإننا لا نقبل بأي حال من الأحوال، أن يتعرض السجين لممارسات لا قانونية، أو لا أخلاقية، أو لا إنسانية..
أيتها السيدات الكريمات المعنيات، أيها السادة الكرام المعنيون؛
لا بأس أن نذكر اليوم، مصدقا لقوله أعز من قائل ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بمجموعة من المقتضيات الدستورية والقانونية ـ وأنتم أدرى وأعلم من غيركم بها ـ والتي تحدد جانبا من المسؤوليات والاختصاصات والمهام، وذلك على سبيل المثال لا الحصر:
فكما لا يخفى على أحد، فإن السجون المغربية تعاني جملة المشاكل المركبة، هيكلية وتنظيمية واللوجيتيكية.. وغيرها، وكلها تصب في خانة الاكتظاظ الكبير الراجع بالأساس إلى ضعف الطاقة الاستعابية، وانتشار وتفشي الجريمة؛ ورغم أن الدولة قد بادرت بالموازاة مع جائحة كورونا، إلى إصدار المرسوم رقم 2.20.292 بتاريخ 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية؛ ورغم أنعام صاحب الجلالة بتاريخ 05 أبريل 2020 بعفوه على الآلاف من السجناء، فإن هذه المشاكل ما تزال قائمة، إلى يومنا هذا، إن لم تكن قد تفاقمت، بالنظر إلى الأرقام الكبيرة والمتناسلة التي صرح بها مؤخرا السيد المندوب السامي لإدارة السجون وإعادة الإدماج؛
ورغم أن مؤسسة النيابة العامة قد قامت بتليين بعض المقتضيات القانونية، للتخفيف من حدة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، خاصة عل مستوى تقليص دائرة الاعتقال الاحتياطي (المادة 159 من قانون المسطرة الجنائية)؛ وكذا اللجوء إلى مسطرة الصلح (المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية) وفق شروط معينة؛
هذا إضافة إلى ما خوله القانون للنيابة العامة بمقتضى (المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية) من هامش لمتابعة المتهمين في حالة سراح، مقابل كفالة مالية يضعونها بصندوق المحكمة؛
أضف إلى ذلك، تفعيل “آلية التجنيح” كأداة عملية فعالة سنها القضاء، لتمكين محاكم الاستئناف من إحالة المتهم وملف القضية برمته على محاكم أول درجة، وذلك في غياب تناسب جلي وواضح بين الفعل المرتكب والعقوبة المقررة له بمقتضى القانون الجنائي، كأن تتم عملية السرقة ليلا، لكن لشيء زهيد القيمة.. إلخ؛
هذا وبالرجوع إلى مضمون في الفقرة الخامسة، من الفصل 23 من الدستور المذكورة أعلاه، والتي تعتبر بمثابة التزام دستوري لضمان حقوق السجناء؛ وكذا باستحضار مقتضيات القانون رقم 98-23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، إلى جانب المراسيم الأخرى ذات الصلة، والتي تعتبر مرجعا للجميع، ساهرين على تنفيذها أوسجناء؛
وكما هو في علمكم، أيتها السيدات الفضليات المعنيات، أيها السادة الأفاضل المعنيون، فإن القانون قد أعطى الضوء الأخضر لكل من الهيئة القضائي، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، واللجن الإقليمية، للقيام بزيارات رقابية وحمائية للمؤسسات السجنية، حماية وضمانا لحقوق السجناء؛
دون أن ننسى أن شأن السجين لم يعد شأنا داخليا، بل تجاوز الحدود ليكتسب “الدولية”، من خلال آليليات الرقابة الدولية، بطبيعة الحال؛ في إطار الاتفاقيات التي تجمع المغرب بالعديد من الدولة، خاصة الأوروبية منها؛
ولن نخوض في هذه الرسالة المفتوحة، في اختصاصات مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة، أو مؤسسة وكيل الملك، أو مؤسسة رئيس الغرفة الجنحية، أو مؤسسة قاضي الأحداث، أو مؤسسة قاضي التحقيق، والمؤطرة بمقتضيات قانونية واضحة، وأنتم أيتها السيدات الفضليات المعنيات، أيها السادة الأفاضل المعنيون، أدرى من غيركم بها بحكم تكوينكم وتخصصكم؛ بل وأنتم محيطون بكل الملاحظات والانتقاذات المسجلة في هذا الصدد؛
فقط رسالتنا المفتوحة هاته، جاءت على خلفية التصريحات المستفزة لكل ضمير حي، والتي تضمنها “مباشر الجديدة نيوز”، على صفحة الفايسبوك، والتي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم؛
وسنكتفي هنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، على ملاحظات بارزة، وردت في سجل تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان، الصادر بتاريخ 30 اكتوبر2012 تحت عنوان:”ازمة السجون: مسؤولية مشتركة” ، حيث أشارت إلى اقتصار “زيارات الهيئة القضائية” على الاطلاع على السجلات، دون مراقبة فعلية لظروف السجناء وأوضاعهم، وخاصة الاشراف القضائي على الاحداث، وتغيير التدابير في حقهم، مسجلا ـ أي التقريرـ عدم انتظام الزيارات، و تباعدها زمنيا، عدم استجابتها للحد الادنى المنصوص عليه قانونا.
وعليه، فإننا داخل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، كهيئة حقوقية مستقلة، وكقوة اقتراحية حاضرة في كل المحطات النضالية، والملفات الحساسة التي تلامس نبض الشارع، وانطلاقا من قناعاتنا وأدبياتنا وأهدافنا، الواردة في قانوننا الأساسي ونظامنا الداخلي، وتفاعلا كذلك مع مجموعة من المعطيات الصادمة، التي تضمنها “اللايف” موضوع هذه المراسلة، ومجموعة أخرى من اللايفات الصادرة عن نفس الجهة في نفس الموضوع، فإننا ندعوكم بكل أدب واحترام، كل في مجال اختصاصه، إلى ضرورة التحرك الفوري والعاجل، وإلى ضرورة إعطاء تعليماتكم إلى الجهات المختصة التابعة لكم، قصد القيام بالبحث والتحقيق اللازمين في هذه النازلة، بغية الوقوف على مدى صحة المعطيات والشهادات بالصورة والصوت، وكذا تعليقات المتتبعين، التي جاءت في “المباشر ” أعلاه؛ وبالتالي القيام بالمتعين، وفق ما تمليه القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال؛ خاصة وأن هناك عنصرين أساسيان في هذا الملف:
أولهما: أن معظم المهام التي تمارسها النيابة العامة ترتبط بالدعوى العمومية، إذ أنها هي التي ترجع إليها مهمة تحريكها أساسا، ولها هي فقط حق ممارستها و مراقبتها من خلال ما تتلقاه من شكايات و وشايات و محاضر، وبالتالي فإن ما واكب “مباشر الجديد نيوز” من تفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى كفيلا بدخول مؤسسة النيابة العامة على الخط.. وعلى وجه الاستعجال؛
وثانيهما: استعداد الأستاذ عبد السلام حكار، مدير موقع الجديدة نيوز، صاحب “المباشر” أعلاه، حسب ما صرح به للمنتدى الوطني لحقوق الإنسان هاتفيا، بأنه على أتم الاستعداد للإدلاء بشهاداته في الموضوع أمام الجهات القضائية المختصة، خاصة وأنه شاهد عيان على الكيفية التي تمت بها الاستلاء على مجموعة من أغطية السجناء، وأغراضهم الشخصية والخاصة وسلعهم المقتناه من دكان السجن، وبيعها ـ حسب تصريح الأستاذ عبد السلام حكار ـ إلى جهة أخرى دون وجه حق؛
وفي انتظار أن يلقى ملتمسنا هذا، العناية اللازمة، التي تتماشى ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، أرجو أن تتفضلوا، أيتها السيدات الشريفات المعنيات، أيها السادة الشرفاء المعنيون، بقبول أسمى عبارات الاحترام والتقدير؛
عن المكتب التنفيذي
رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان
د. محمد أنين