وَا أسفاهُ عليك مدينة الفوسفاط

30 ديسمبر 2022آخر تحديث :
وَا أسفاهُ عليك مدينة الفوسفاط

زنقة36_مجيد غزة

لَكِ الله يا مدينتي، يا مدينة الفوسفاط ، كان بودي أن أهنئك بحلول العام الجديد وان أقول لكِ كلُّ عَام وأنت الأجمل والأبهى والأنقى والأكمل، كان بودي أن أقول لكِ كل عام وأنت بألف خير ، كان بودي أن أُكِيلَكِ المديح وأن أتغنى بك في زُهُو كما يفعل العاشقون المتيمون ، وان استعير من نبيل شعيل أغنيته الجميلة ” ما أروعك” لأهديها إليك ، كان بودي أن أقول لمسؤوليك شكرا لكم على كل ما قدمتموه من تضحيات وخدمات لمدينتي الحبيبة، ولكن.. أنَّى يتأتى لي ذلك ؟

فها هو عام مضى وسيتلوه عام آخر، وأنتِ كما أنتِ، تبدين حزينة ، كئيبة ، شاحبة غير سعيدة باستقبال العام الجديد، وفي حلقك غصة ومرارة على حالك ومآلك الذي يصعب على العدو قبل الصديق ، حالك يزداد سوءا بعد سوء وكأني بك تحتضرين ، وكأني بك تدخلين غرفة الإنعاش بعد وصلت مرحلة السكتة القلبية كما قال ذات يوم المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله تراه .
وكأنك تحنين كما يحن أبناءك لماضيك الجميل ، ماضيك الذي يبدو وكأنه أحسن من حاضرك البئيس، أو لم تكوني إلى عهد قريب متربعة على عرش المدن النظيفة والجميلة ؟ او لم تكوني عروسة المدن ؟ فماذا دهاك يا مدينتي الحبيبة؟
وكأن قدرك يا مدينتي أن تظلين على الهامش ، وأنتِ الوَلاَّدة ، أنتِ المدينة التي تختزن في أعماقها ثروة المغرب النفيسة ، وأنتِ المدينة التي أُجْبِرَ خِيرَة شبابها على الرحيل وركوب قوارب الموت مجبَرين لا أبطال ، بعد أن سدت في وجوههم سبل العيش الكريم ، ورغم ذلك ، لم يجْحَدُوكِ ، لم يعاتبوكِ ، لم يتبرءوا منك .. ولم يقطعوا أبدا حبل الوصال معك ..ولسان حالهم يقول ” لْبَرَّانِي عْڭُوبْتُو لَبْلادُو”، لأنهم برغم عاهاتك وعلاَّتك يَعشقونَك .
وَا أسفاه عليك يا مدينتي ، فقد ابتلاك الله بمسؤولين غَرَّتهم الكراسي الوثيرة ، والمكاتب المكيفة وظنوا أنهم فيها خالدون، ونسوا أو تناسوا أنها لو كانت ستدوم لهم لدامت لغيرهم ولمن سبقوهم .

وَا أسفاه عليك مدينتي، لأن مسؤوليكِ أنتِ آخِرُ هَمِّهِم ، وظلام أزقتك لم يحرك فيهم ساكنا ، وطرُقك المحفَّرة بألف حفرة وحفرة لم تشعرهم بأي خزي أو عار ، حدائقك لم تعد متنفسا لنساءك وأطفالهم الفقراء ، بعد أن تحولت أمام أنظار السيد رئيس المجلس البلدي إلى مرتع للمتشردين وملاذ آمن للسكارى وجيل الضائعين ..

لا شئ فيكِ تغير إلى الأحسن يا مدينتي الحزينة ، مند ابتلاك الله بهذا المجلس البلدي العقيم ، وطابعك القروي لا زال لصيقا بك بعرباته المجرورة بالدواب ( الكارو) التي تغزو شوارعك وتجوبها في مشهد يعود بك لسنوات الثمانينات والتسعينات ، وكأن المسؤولين بك اقسموا بأغلظ أيْمانِهم أن يجعلوه ماركة مسجلة باسمك يا مدينتي ، البائعون المتجولون دون حسيب أو رقيب يصولون ويجولون ، هم من يفرضون قانونهم في غياب شبه كلي لدور المجلس البلدي في حماية المِلك العام ، شبابك عاطلون سكانك تائهون ، يفكرون ، يتساءلون في شُجون ، رئيس جماعتنا اختفى مند الانتخابات ، تراهُ أين يكون ..؟
والى أن يستجيب السيد الرئيس لنداء المواطنين ويخرج من مكتبه المكيَّف كي يَتَمَلَّوْنَ بطلعته البهية وهو يتفقد أحوال مدينتي المنكوبة .. الضائعة في الإهمال والنسيان ، الى ذالكم الحين ، دامت لكِ الأفراح والمسرات مدينتي ..وكل عام جديد وأنت وسكانك بألف خير .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق