بقلم: غزة مجيد
المضحك المبكي في خريبكة أن أبسط الخدمات تتحوّل إلى إنجازات صار تنظيف مجرى عادم بطولة، وتبليط الشوارع ملحمة، وإضافة مصباح إنجازاً مُلهماً، وتحرير الملك العمومي فتحاً مبيناً.
المضحك المبكي أن التصفيق هنا لم يعد له سقف ولا منطق. حتى أن البعض صار يترصد لحظة خروج المسؤول من المرحاض ليصفّق له، وكأننا أمام فتح جديد أو لحظة عبور تارخية!
يقول المثل في خريبكة: أعمل الواجب، وخذ التصفيق هدية!
أجل! في خريبكة، إذا استيقظ المسؤول باكرًا وذهب لعمله، يتزاحم الفيسبوكيون لتقديم الشكر، وكأن الرئيس خطب في الأمم المتحدة أو فاز بجائزة نوبل في الشوارع الترابية.
ومن كثرة التصفيق، لم يعد مستغربًا أن نقرأ يوماً: عاجل! مسؤولة قلّمت أظافرها وقامت بتغيير لوك شعرها، وسط تصفيق حار للمكتب الجماعي والزملاء في الإدارة.
صرنا شعبًا يصفق لأي شيء: للمصباح إذا أضاء، للطريق إذا تم تبليط جزء منه، حتى لأنفاس المسؤولين إذا خرجت بلا زكام!
متى انتهت خريبكة إلى هذا المصير العجيب؟ هل قدرنا أن نصفق لمن جعل شيئا من الطبيعي استثنائياً؟ أغرقنا في عبقرية تبرير التفاهة فأصبح البنّاء بطلاً إذا سدّ شقًا في الرصيف، والعامل فنانًا إذا مسح مجرى قذرًا… بل أصبحنا نخاف أن نطالب بحقنا حتى لا يُتهم الواحد منا بمعاداة “أبطال الواجب”!
في خريبكة، كل مسؤول صغير صار بطلاً من ورق، والبسطاء صارت حقوقهم مبادرات مشكوك في وقوعها. الكبرياء في الفعل العادي، والكرامة في الإنفاق على ما هو مكتوب أصلاً في قانون الجماعة.
أفيقوا يا أهل خريبكة، قبل أن نرى يوماً حفلاً لقصّات الأظافر أو ماراثون قصات الشعر… لا تصفقوا للواجب، صفقوا فقط إذا رأيتم مسؤولًا يُحاسب نفسه قبل غيره، ويرد الحقوق لأهلها دون مزامير ولا صور فيسبوكية!