بقلم: غزة مجيد
في شارع مولاي يوسف بخريبكة، لا تحتاج إلى كثير من التفكير لتدرك أن المسؤول السياسي الغائب. تكفيك نظرة واحدة إلى الكلاب الضالة وهي مستلقية تحت أشجار الليمون، تستمتع بالظل والسكينة أكثر من سكان المدينة أنفسهم. هي صاحبة المكان قبل أن يكون أي مسؤول أو أي ملعب، وصورتها أصبحت بطاقة تعريف المدينة قبل أي شعار أو لوحة إعلانية.
جمعية العيون الخضراء تحاول جاهدة رفع الإيقاع، تنظّم النسخة الأولى من الدوري الدولي أسود 2030 للفتيان أقل من 16 سنة، بمشاركة أندية من ثلاث قارات وأربع دول، تجمع أبرز المواهب الصاعدة في كرة القدم العالمية. حدث استثنائي يُفترض أن يرفع اسم خريبكة عالميًا، لكن الواقع اليومي يصرخ: الكلاب الضالة تسبق أي مسؤول في الاستقبال، والمناطق الخضراء تحولت إلى صحراء صفراء، والطرقات غير منظمة، والصمت الرسمي أكثر صخبًا من أي تصريح.
تخيلوا لو أن هؤلاء الشباب، سفراء بلدانهم الصغار، قرروا القيام بجولة في الشوارع الكبرى بعد المباريات. ماذا سيحدث لو واجهوا أحد الكلاب الضالة؟ المبررات الرسمية ستكون جاهزة: نعتذر، الجماعة لم تعمل بعد… الظروف صعبة… الملف قيد الدراسة. لكن، هل سننتظر أن تتحول هذه الحادثة إلى أزمة دبلوماسية؟ المفارقة مضحكة ومبكية: دوري دولي ، وفضيحة محلية على الأرصفة.
السياسة هنا ليست فن الإدارة، بل هواية التبرير، والمجالس المنتخبة صارت بارعة في إلقاء الأعذار. أما الكلاب الضالة فهي صاحبة المدينة الحقيقية، تكتب افتتاحية خريبكة بالنيابة عن المسؤولين الغائبين، وتذكر كل من يزور المدينة بأن الصورة الفعلية أبسط وأكثر قسوة من أي إعلان عالمي: هنا العشب أصفر، والظل من نصيب الكلاب، والمستقبل… على الورق فقط.
خريبكة تجمع المواهب، لكنها تغفل عن أبسط واجب: أن تحمي زوارها وأطفالها، وأن ترفع صورة المدينة الحقيقية قبل أن ترفع علم البطولة. وهكذا، تبقى الكلاب الضالة أكثر صدقًا من أي خطاب رسمي، وأقوى أثرًا في ذاكرة صغار السفراء الذين سيعودون إلى بلدانهم، يحكون عن الدوري، لكن قبل كل شيء، عن الكلاب التي استقبلتهم في قلب خريبكة.