خريبكة.. حين يصير المهرجان بديلاً عن التنمية!

4 ساعات ago
خريبكة.. حين يصير المهرجان بديلاً عن التنمية!

بقلم: غزة مجيد
سيدي العامل هشام المدغري العلوي،
أهلاً بكم في خريبكة، المدينة التي تحترف تزيين الواجهة كلما حلّ مسؤول جديد، ثم تُغلق الستار سريعًا، كأنها لا تريد لأحد أن يراها على حقيقتها: مدينة تتقن الانتظار، وتُجيد الصبر، لكنها سئمت من الخُطب.

جئتم في لحظة سيادية عالية، عيد العرش المجيد، وفي دولة تربط الاحتفال بالفعل، والرمز بالمعنى. لكن خريبكة استقبلتكم بالصمت: لا شريط قُصّ، لا مشروع دُشّن، لا ورش فُتح. كل ما كان… مجرد صخب مُموَّل، على نغمة العيطة والشيخات ، وكأن الجماعة لا تسمع شيئًا من الخطاب الملكي، أو كأن سرعة خريبكة لا علاقة لها بالمغرب الذي تحدّث عنه جلالة الملك محمد السادس حين قال: «المغرب يسير بسرعتين».
نعم، سيدي، نحن من سكان السرعة البطيئة.
لسنا فقط في الدرجة الثانية، بل خارج القطار أصلاً، ننتظر عند محطة منسية لا يصلها لا استثمار ولا إصلاح.
المدينة احتفلت، نعم.
لكن، بأي وجه؟
مهرجان باهت سُمي نشاطًا ثقافيًا، وهو أقرب إلى نزهة مدفوعة من جيب المواطن، جرى تسويقها كـ حدث، وهي في جوهرها هروب إلى الأمام، وتبرير بائس لعجز الجماعة عن إنجاز الحدّ الأدنى من التزاماتها.
نعم، المهرجان أقيم…
لكن لا شيء تغيّر، سوى ارتفاع مستوى السخرية لدى الساكنة، وازدياد شهية بعض المنتفعين الذين اعتادوا أن يحولوا كل مناسبة إلى غنيمة، وكل دعم إلى غداء مفتوح.
سيدي العامل،
نعلم أنكم لم تأتوا بعصا موسى.
لكن بالله عليكم، هل يُعقل أن لا تجدوا مشروعًا واحدًا لتدشينه؟
ولا حتى فكرة جاهزة للانطلاق؟
المدينة بحاجة إلى ما هو أكثر من احتفال.
خريبكة تحتاج رجّة.
نفضًا للغبار.
وصوتًا قويًا يدق على طاولة المسؤولين المحليين: كفى من المهرجانات، كفى من التلميع. كفى من تسويق السراب كإنجاز.
ما وقع ليس احتفالًا.
هو ببساطة إعلان فشل، لكنه يُقدّم على أنغام العيطة.
هي لحظة مراوغة، تُشبه مهرجانات البوادي، حين يُطلق البارود في السماء، لكن الأرض تبقى مظلمة كما هي.
نحن لا نرفض الفرح،
لكننا نرفض تحويل الثقافة إلى ستار.
ولا نمانع في الفن،
لكننا نسأل: من سيبني الطرق؟ من سيُنير الأحياء؟ من سيفتح الأوراش؟
أم أن الجماعة تفضل إيقاع السلحفاة، لا سرعة الإصلاح؟
سيدي العامل،
الرّهان عليكم أن تنقلوا صوت خريبكة إلى الرباط.
نريد جماعة تُخطط، لا تُهرّج.
نريد مناسبة تُنجز، لا تُطبّل.
نريد سرعة ثالثة، لا سلحفاة تتغذى على أعذار الماضي.
انتهى المهرجان؟
نعم.
لكن لا تجعلوه عنوان مرحلة قادمة.
خريبكة تستحق أكثر من أغنية… تستحق ورشًا.
ولكم واسع النظر، وأوسع الأمل.

سيدي العامل،
في خريبكة لا نطلب المعجزات، فقط نريد أن نحسّ أن هناك من يسمع وجع المدينة… لا من يغطيه بالصخب

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept