زنقة 36_غزة مجيد
في خرجة اتسمت بالهدوء والرزانة السياسية والدينية، وجه محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، رسالة مفتوحة إلى الشيخ محمد الفيزازي، يعرض فيها دعوة رسمية لتعميق النقاش حول قضايا الهوية الدينية والمعجزات النبوية، في سياق النقاش الذي أثير مؤخرا بين الشيخ الفيزازي والكاتب والناشط أحمد عصيد.
الرسالة، التي جاءت في صيغة مؤدبة ورفيعة المستوى، لم تخلُ من تأكيدات أوزين على ثوابت المرجعية الدينية المغربية، وفي مقدمتها العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني، تحت إمارة المؤمنين، معبّرا في الوقت نفسه عن احترامه لحق الاختلاف والتعدد الفكري، داعيا إلى معالجة الأفكار بالتي هي أحسن، عبر الحوار والمجادلة الحسنة، مستشهدا بتفاسير كبار العلماء كالشيخ ابن كثير والطاهر بن عاشور.
وفي خطوة لافتة، أعلن أوزين استعداده الشخصي للمشاركة في ندوة علمية بالأكاديمية الفكرية لحزبه، أكاديمية لحسن اليوسي، داعيا الشيخ الفيزازي لإلقاء محاضرة في الموضوع، ضمن مبادرة قال إنها تسعى لإحياء فكر السلف الصالح الذين جمعوا بين الإيمان والانفتاح.
الرسالة لم تخلُ من تصويب هادئ للتأويلات الإعلامية التي ربطت أوزين بتصريحات قديمة حول المسألة، مؤكداً أن تلك التصريحات تعود إلى أكثر من عقد، وقد تجاوزها السياق والزمن، نافيا أن يكون في موقفه ما يناقض الإيمان بالمعجزات كما وردت في النصوص الشرعية.
بهذا الأسلوب المتزن، يبدو أن محمد أوزين يحاول إعادة توجيه النقاش نحو مساحات أكثر عقلانية وانفتاحا، داعياً إلى تجديد خطاب التدين دون المساس بالثوابت، والاحتكام إلى أدوات العلم والفكر، في وجه ما سماه “الصوت النشاز”، في إشارة ذكية إلى بعض الخطابات التي تنحو نحو التشدد أو الإقصاء باسم الدين.
وبين الدعوة للمحاججة العلمية، والتمسك بثوابت الأمة، يبدو أن أوزين اختار أن يردّ لا بالصوت المرتفع، بل بصوت العقل.