الحركة الشعبية تقتحم أسئلة الهوية وتعيد ترتيب المشهد السياسي

15 يوليو 2025
الحركة الشعبية تقتحم أسئلة الهوية وتعيد ترتيب المشهد السياسي

زنقة36
الخميس المقبل في الرباط، سيكون الرأي العام على موعد مع ندوة غير اعتيادية تنظمها مؤسسة لحسن اليوسي التابعة لحزب الحركة الشعبية، تحت عنوان يبدو عميقًا: خصائص الهوية المغربية بين التأصيل والتحديث.

لكن خلف هذا العنوان العريض، يلوح مشروع سياسي جديد تقوده قيادة الحركة الشعبية برئاسة محمد أوزين، الذي قرر بوضوح أن يفتح نوافذ النقاش على مصراعيها، وأن يكسر الطابوهات التي عاشت عليها النخبة الحزبية سنوات طويلة.

في بلد يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى شجاعة سياسية وفكرية، اختار أوزين أن يجمع على طاولة واحدة أسماءً من مشارب متباينة: السلفي محمد الفيزازي، واليهودي جاكي كادوش، والباحث عبد الخالق كلاب. كأنه يريد أن يقول إن المغرب ليس حكرًا على لون واحد، ولا يجوز اختصاره في معارك صغيرة حول من يحتكر شرف الوطنية أو نقاء الهوية.

هذا الانفتاح لم يرق للبعض. فعزيز هناوي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، سارع إلى إطلاق حملة مضادة، مستعينًا برفاقه في جبهة مناهضة التطبيع. مصادر متطابقة تتحدث عن اتصالات محمومة يجريها هناوي وأحمد ويحمان للإعداد لوقفة احتجاجية ترفع شعار رفض التطبيع.

لكن المفارقة الساخرة أن الحزب الذي يلوّح اليوم بهذه الورقة هو نفسه الذي وقع اتفاق التطبيع حين كان في الحكومة. والذين يرفعون شعارات المزايدة الأخلاقية يتجاهلون أن الحوار والانفتاح لا يعنيان الذوبان، بل يعكسان الثقة في الذات والقدرة على إدارة الخلاف.

محمد أوزين، الذي يتهيأ لحملة انتخابية مبكرة عنوانها “تجديد الخطاب الحركي، يقدّم بهذا اللقاء رسالة واضحة: الحركة الشعبية حزب له عمق وطني وتاريخي، لم يخرج من جلباب مؤسسيه الكبار، لكنه يرفض أن يظل رهينة الصور النمطية أو أن يتحول إلى مجرد ملحق في معسكر المعارضة أو الموالاة.

ولعل الجرأة في دعوة وجوه متنوعة إلى نقاش الهوية تعكس رغبة في إعادة الاعتبار للمشهد السياسي، وإبراز أن الهوية المغربية متعددة الروافد، تتسع لليهودي والمسلم، للأمازيغي والحساني، وللسلفي ولليبرالي، دون أن يفقد البلد توازنه.

إنها معركة أكبر من هناوي وصاحبه ويحمان، وأكبر من المزايدات الظرفية. معركة تقول إن المغرب يحتاج إلى حزب يملك شجاعة التقاط اللحظة وتوسيع النقاش العمومي.

في زمن التحالفات البراغماتية والتكتيك الانتخابي، قد يختار البعض الركوب على موجة العواطف العابرة، لكن الحركة الشعبية، بقيادة محمد أوزين، تثبت أنها قادرة على إعادة طرح الأسئلة الكبرى، لا عن الهوية وحدها، بل عن طريقة إدارة الاختلاف وإحياء السياسة كفضاء للالتقاء بدل التنافر.
التاريخ سيحكم: من يملك شجاعة النقاش اليوم، هو من يملك مستقبل السياسة غدا.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept