تجميد العضوية الحزبية بين الطرح الدستوري والممارسات السياسية المستجدة

15 نوفمبر 2022آخر تحديث :
تجميد العضوية الحزبية بين الطرح الدستوري والممارسات السياسية المستجدة

زنقة36_مولاي دريس بن فائدة

واقعة تجميد عضوية السيد هشام المهاجري بالمكتب السياسي لحزب الأصالة و المعاصرة، وعرضه على أنظار اللجنة الوطنية للتحكيم، تفاعلا مع تقرير رئاسة الفريق النيابي لذات الحزب، على غرار مداخلة هذا الأخير بالجلسة العمومية المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية، وماترتب عنها من سجال مع السيد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، جعل المكتب السياسي للحزب يقدر هذه المداخلة في خانة ما يمكنه أن يخل بشروط الإلتزام الحكومي، وميثاق الأغلبية. وحيث أننا نعتبر أن الأمر هو شأن داخلي لحزب الأصالة والمعاصرة، ويهم العلاقة التنظيمية بين أطراف هيئة سياسية لها قوانينها و أنظمتها التي تحكمها، ولها فضاءاتها وأجهزتها المخولة لاتخاذ ما تراه مناسبا وفق تقديرها السياسي، وهو ما يجعلنا نتحفظ عن التعليق أو التعبير عن موقف من قضية لازالت معروضة على أنظار الأجهزة التحكيمية للحزب.

لكن احترامنا للمؤسسات واختصاصاتها لا يمنعنا كباحثين مهتمين بالقانون الدستوري أن نقف على جوانب واقعة مؤطرة بالدستور و النظام الداخلي لمجلس النواب باعتباره قانونا تنظيميا يشكل امتدادا للوثيقة الدستورية، وجزءا من الكتلة الدستورية بشكل عام.

وباعتبارها كذلك واقعة تعكس ممارسة سياسية تدار على هامش قواعد دستورية لم تعد ترتبط بشرعية وجودها الأولية1. وهو الأمر الذي يزكي طرح التأويل السياسي أو أولوية السياسي على القانوني وفق تعبير الفقيه الدستوري محمد أتركين.

على اعتبار أن واقعة التجميد التي تبدو في شكلها التظيمي فعلا محدثا لمركز قانوني جديد، بخصوص وضعية النائب المعني، الذي عبر عن رأيه انطلاقا من موقعه كممثل للأمة، في سياق مراقبة العمل الحكومي انسجاما مع دور المؤسسة التشريعية المحدد بمنطوق الفصل 70 من دستور المملكة3.

وبدون دخول في تفاصيل وحيثيات تموقع حزب الأخير ضمن مكونات الإئتلاف الحكومي الثلاثي. ومدى تأثير تصريحاته على علاقة الهيئات المشكلة للتحالف الأغلبي وعلى ميثاق الأغلبية وغيرها من العلاقات التفاعلية المعلنة و الخفية خلف الأسوار الحزبية، يجب انتظار ردود أفعال أطراف المعادلة السياسية لأجل تقديم قراءة واقعية وموضوعية للخلفيات السياسية الكامنة خلف القرار المتخذ، وفهم المساحات و الهوامش التعبيرية المسموح بها في إطار تسيير الشأن الحزبي والحكومي بين الطرح الدستوري الكلاسيكي القائم على مبدأ فصل السلط وتعاونها حسب التأصيل الفقهي لمونتيسكيو في روح الشرائع و علاقته التفاعلية مع ( التأويلات التي تؤسس لما يصطلح عليه ب “الاتفاقيات الدستورية” التي يمكن تعريفها بكونها اتفاق غير شكلي للفاعلين حول قراءة المقتضيات الدستورية)2.

فهل تشكل هذه الواقعة سابقة تأسيسية للعمل بآليات جديدة تحول الدستور إلى مجرد تقنية لترجمة إرادات الأطراف التي تعطي معاني جديدة وتؤسس لدستور حقيقي قادر على خلق قواعد لعبة اشتغاله؟ أم أن الواقعة هي مجرد اختيار سياسي تحكمه ضوابط حزبية، ترتبت عن ميثاق سياسي بأبعاد أخلاقية لا تستحضر البعد الدستوري بتجلياته التقليدية التي تنتصر للشكليات القانونية بطبعها الجامد؟

مولاي ادريس بنفائدة
باحث في القانون العام و العلوم السياسية

المراجع:

1محمد أتركين، الدستور و الدستورانية، من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2007؛
2: نفس المرجع؛
3: الفصل 70 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق