زنقة36_غزة مجيد
في خطوة لافتة ومليئة بالرمزية، عيّن صاحب الجلالة الملك محمد السادس السيد لحسن السعدي كاتبًا للدولة لدى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مكلفًا بقطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي. هذا التعيين الذي يحمل رسالة واضحة مفادها أنّ المغرب يفتح أبواب المسؤولية أمام أبنائه، مهما كانت أصولهم، ليساهموا في بناء الوطن وتطويره.
لكن، منذ هذا التعيين، تفجرت حملة انتقادات واسعة تجاه السعدي، لم تكن حول كفاءته أو نواياه، بل حول أصوله الاجتماعية المتواضعة. حملة تقف وراءها أصواتٌ ترفع شعارات متناقضة؛ فباسم التشبيب طالبت بتجديد النخب وفسح المجال أمام الشباب، واليوم تقف ضد شابٍ قروي طموح، فقط لأنه ابن بيئة فقيرة وأمّ مكافحة.
الأسئلة التي تفرض نفسها اليوم: لماذا يُواجَه السعدي بهذا الكم من الانتقاد؟ ولماذا هذا الهجوم الشخصي عليه؟ أليس من حق الشاب المغربي، مهما كانت أصوله، أن يصل إلى مناصب القرار ويساهم في تطوير وطنه؟
لحسن السعدي، الشاب القادم من شمال تارودانت، لم ينحدر من عائلة نافذة ولم يرث امتيازات تجعله في طليعة الشباب الذي يقتحم عالم السياسة. بل شق طريقه بفضل عزيمته وإصراره، متحديًا كل الصعاب ليصبح ممثلًا حقيقيًا لشباب القرى والمناطق النائية، الذين لطالما عانوا من التهميش وقلة الفرص.
هذه الحملة الموجهة ليست سوى انعكاس لحقد دفين ضد نجاح أبناء الطبقات الفقيرة. فبدلًا من أن يُحتفى بتعيين شاب قروي طموح، نجده يتعرض لحملة تنمر واستهداف، فقط لأنه يُعبّر عن تحول في بنية السياسة المغربية. حملة تفضح ازدواجية الخطاب لدى البعض، إذ يرفعون شعار التشبيب والتغيير، ولكنهم يتراجعون أمام أول شاب فعلي يتجرأ على دخول معترك السياسة من باب المسؤولية الوطنية.
لحسن السعدي هو اليوم رمزٌ لكل شابٍ مغربي يحمل في داخله حلمًا بتجاوز الصعاب والوصول إلى خدمة الوطن، لكن هذا الطريق لم يكن ولن يكون سهلاً. إنها تجربة مريرة تبرهن أن النجاح لا يقتصر على الخلفيات الاجتماعية، بل على روح المثابرة والعمل الدؤوب.