زنقة36غزة مجيد
في انتخاباتنا العجيبة، يبدو أن الحكاية أبعد ما تكون عن تنافس سياسي، هي أقرب إلى فوضى منظمة تشبه حفل زفاف نسي فيه العروس والعريس الحضور! لا برامج، لا وعود واضحة، وكأن الأحزاب تسير في سباق بلا خط نهاية، تتخبط يمنة ويسرة، ثم تأتي في النهاية لتتحدث عن “النزاهة”. ولكن، كيف يمكن لحزب لم يستطع تغطية نصف مكاتب التصويت أن يتحدث عن الشفافية؟ على الأقل، اقبلوا النتيجة بسلام!
والآن لنجري حسابًا بسيطًا معك، أيها المرشح الطموح: إذا كنت تغطي 500 مكتب، فأنت بحاجة إلى 500 وجبة فطور، و500 غداء، وربما أربع سيارات أو أكثر لتغطية التحركات. نعم، الانتخابات ليست مجرد وقوف أمام صناديق الاقتراع؛ إنها عملية لوجستية معقدة! فهل كنت مستعدًا لذلك؟ أم أنك دخلت السباق فقط لتقول بفخر: “أنا مرشح البرلمان”، تحت شعار “نسيبتي شوفني”؟ لأننا نعلم جميعاً أن “نسيبك” سيصبح برلمانيًا، وهذا ما كان يتوقعه الجميع من البداية!
لكن، وسط هذه الفوضى التي تثير الضحك والبكاء في آن واحد، لا يمكننا إغفال بعض المرشحين من الكفاءات الحقيقية. هناك دكاترة وأساتذة جامعيون دخلوا هذا السباق، وهم فعلاً يحملون طموحًا جادًا لتغيير الأوضاع. بلادنا تحتاج إلى هؤلاء الكفاءات، وليس من يُرشح بأمر من “بابا”. هؤلاء الدكاترة ليسوا مجرد واجهة أكاديمية، بل هم كنوز فكرية بإمكانهم تقديم الحلول للمشاكل التي تواجهنا اليوم. هؤلاء هم من يجب أن نقف خلفهم، لأنهم يعرفون معنى العمل الجاد والتخطيط.
ولكن، لنعود إلى الجزء المضحك من القصة: لدينا مرشحون آخرون ترشحوا لأن أولياء أمورهم قرروا ذلك، وكأن البرلمان أصبح لعبة يوزعها الآباء على أبنائهم! تخيل معي أحد المرشحين يرسل رسالة إلى صديقته قائلاً: “بابا دبر ليا على البرلمان، قولي البابا دبر ليك تنتني باش نتلاقو، انتي لابسا الأبيض وأنا الأبيض، واللعنة على من أه اليوم”. وكأن البرلمان أصبح مناسبة اجتماعية أكثر منه مسؤولية.
هذه ليست انتخابات، بل سباق يظهر فيه البعض ليتبجح ويدور في الأحياء كما لو أنه في جولة تسوق، بحثًا عن بضعة أصوات بأي وسيلة كانت. حتى وإن تطلب الأمر توزيع وعود خيالية في منتصف الليل، لا بأس! المرشحون يعلمون جيدًا أن برامجهم خاوية، ولكن لا مشكلة لديهم في التظاهر بأنهم “المنقذون” المنتظرون.
وفي النهاية، هل يستطيع المواطن أن يأخذ هذا المشهد على محمل الجد؟ هل عليه أن يصدق وعودًا تتكرر في كل انتخابات وكأنها أغانٍ محفوظة؟ أم أن العزوف عن المشاركة في هذه المسرحية هو الحل الأمثل؟ لا جديد يُرجى سوى تغيير الوجوه، بينما تبقى الوعود مجرد كلام معلق في الهواء، بدون تحقيق.
وفيما يجلس المرشحون بعد الخسارة، يتحدثون عن الطموح والأمل وكأنهم كانوا هنا لخدمة الشعب، وليس لتحقيق أحلام شخصية. الطموح الحقيقي هو أن يدرك الجميع أن الانتخابات ليست مسرحًا للتباهي، بل فرصة لخدمة المواطنين حقًا. ولكن، في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال: هل هناك أمل في التغيير؟ أم أن العزوف هو أفضل رد على هذا الواقع الذي يتكرر كل مرة؟