زنقة36_غزة مجيد
يشهد حزب الأصالة والمعاصرة في إقليم خريبكة تصدعات وصراعات داخلية متزايدة بين أعضائه خلال الفترة الأخيرة. ووفقًا لما تناقلته المصادر، اقترحت بعض الجماعات ترشيح شخصية برلمانية معينة، لكنها قوبلت بالرفض. لاحقًا، تم اقتراح وجه نسائي من جماعة أبي جعد، وهي عضو في الجهة، لتكون وكيلة اللائحة في الانتخابات الجزئية البرلمانية المقبلة.
من جهة أخرى، تشير مصادر إلى أن مدينة خريبكة لا تمتلك مرشحًا برلمانيًا من حزب البام، مما دفع بعض الأعضاء للمطالبة بأن يكون المرشح من جماعة خريبكة نفسها، في ظل سيطرة البرلمانيين من جماعة أبي جعد. هذه التحركات تعكس حالة من الارتباك والقلق داخل الحزب، حيث يبدو أن القرار النهائي بشأن المرشح لم يُحسم بعد، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين داخل صفوف الحزب.
وفي اتصال هاتفي مع أحد القياديين في حزب الأصالة والمعاصرة بإقليم خريبكة، أكد أنه نظرًا لعدم التوافق بين أعضاء الحزب حول المرشح البرلماني، سيتم اللجوء إلى الحكامة الإقليمية لاتخاذ القرار النهائي بشأن المرشح، مشيرًا إلى أن الإعلان عن المرشح سيتم في وقت لاحق بعد هذه الخطوة.
وفي ظل هذه الانقسامات، يعبر بعض الأحزاب الأخرى عن أملها في ألا تترشح أحزاب الأغلبية في الانتخابات المقبلة، وذلك بهدف تحسين فرصها الانتخابية في ظل ضعف حزب البام الحالي. أما حزب الاستقلال، وحسب بعض المصادر، فقد بدأ في الاستعداد لاتخاذ موقفه بشأن المشاركة في الانتخابات، مترقبًا تراجع حزب الأصالة والمعاصرة ليتخذ الخطوة المناسبة.
وتتحدث بعض السيناريوهات عن أن أحد الانتهازيين الملقب بـ”مسامر الميدة”، الذي لا ينتمي إلى حزب البام، قد يكون وراء هذه الفوضى وخلق البلبلة داخل الحزب. إذا استمرت هذه الانقسامات، قد يؤدي ذلك إلى فتح المجال أمام الأحزاب الأخرى لتحقيق نتائج إيجابية، خاصةً إذا لم يتمكن حزب البام من تقديم مرشحين بوضوح.
من جهة أخرى، تشير بعض التوقعات إلى إمكانية مفاجأة من أحزاب مثل حزب العدالة والتنمية، حزب الاتحاد الدستوري، وحزب التقدم والاشتراكية، بينما قد تظل باقي الأحزاب خارج دائرة المنافسة إما لعدم قدرتها على المنافسة أو لضعف إمكانياتها في تمويل الحملات الانتخابية، وفقًا لبعض المتابعين المحليين. كما أن بعض الأحزاب تدخل بترشيحات نضالية بهدف تأثيث المشهد السياسي وإظهار وجودها، رغم أن حظوظها في الفوز ضعيفة، تحت شعار “هانا كاين، حاضر ناظر”، وذلك فقط لتأكيد أنها ما زالت متواجدة في الساحة.
وفي اتصال هاتفي مع أحد الفاعلين السياسيين بالإقليم، عبّر عن استيائه من الوضع السياسي الراهن في المنطقة، حيث قال: “ما دور الهياكل والتنظيمات السياسية إذا كان الشيوخ يتحكمون في التزكيات بإقليم خريبكة؟ يبدو أن الأمانات العامة والتنظيمات الحزبية أصبحت مجرد ديكور في مسرحية هزلية، حيث يتصدر الجميع المشهد بالتصفيق والابتسامات، بينما تُتخذ القرارات خلف الستار من قبل ‘الحكماء’ الذين لا يُسألون ولا يُناقشون. هل باتت الهياكل مجرد أختام لتمرير القرارات؟ السياسة هنا أشبه بمسرحية، الجميع يُشارك في التصفيق، لكن كتابة السيناريو وحجز أدوار البطولة محفوظة. أما البقية؟ فهم مجرد مشاهدين يُصفقون أو يهمسون في الخلف.”
أما حزب الحركة الشعبية، فهو بدوره يعتمد سياسة التريث وعدم التسرع في اتخاذ قراراته بخصوص المشاركة في الانتخابات المقبلة. يبدو أن الحزب يفضل مراقبة المشهد السياسي من بعيد، في ظل الصراعات والانقسامات التي يشهدها حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك لتحديد أنسب الخطوات التي يمكن اتخاذها بناءً على التطورات المستقبلية.
هذه الاستراتيجية المتحفظة من قبل حزب الحركة الشعبية تعكس حرصه على عدم التورط في صراعات قد تؤثر سلبًا على وضعه الانتخابي. فالحزب يفضل دراسة الخيارات المتاحة بعناية قبل اتخاذ أي قرار نهائي، مما قد يجعله لاعبًا مهمًا في المرحلة القادمة إذا استمرت حالة الفوضى في صفوف الأحزاب الكبرى الأخرى.
أما فيما يخص حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد أفادت مصادرنا أنه في حال تراجع أحزاب التحالف، فإن الأحرار سينزل بثقله المعتاد في الساحة الانتخابية كفرصة لتعزيز حضوره، مما قد يجعله عنصرًا محوريًا في المنافسة القادمة.
تبقى الانتخابات المقبلة محط أنظار الجميع، حيث ستتضح معالم المشهد السياسي في إقليم خريبكة في ظل هذه التحولات المتسارعة. كل الأنظار تتجه نحو ما سيحدث في الأيام المقبلة، في ظل استمرار الانشقاقات والصراعات داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وما إذا كان بإمكان الأحزاب الأخرى الاستفادة من هذا الوضع لتحقيق مكاسب انتخابية.