زنقة36_بقلم عيدودي
.*الكتاب الثاني: الحكم في الجرائم.*
أ-تحرير المحاضر
ناقش القانون الحالي الجرائم المرتكبة أثناء انعقاد الجلسات، وسمح للمحكمة كلما تعلق الأمر بجناية أن تحرر محضرا وتودع المعني بالأمر السجن، وهو مالم يعد ممكنا طبقا للمادة 269 من المشروع حيث لا يجوز الإيداع في السجن بل يجب إحالة المتهم على النيابة العامة باعتبارها سلطة اتهام وممثلة للحق العام. وفي إطار إثبات الجرائم، أصبحت شهادة متهم على متهم غير مقبولة إلا إذا عززت بقرائن قوية منسجمة وفق المادة 286، كما أن محاضر الضابطة القضائية في الجنح وفق المادة 290 من القانون الحالي *يوثق* بمضمونها إلى أن يثبت العكس، وبهذا تم حدف عبارة يوثق وحل محلها *يعتد*، اعتقادا من المشرع أنه سيخفف من قوتها الثبوتية، لكن الأكيد أن هذا التعديل لن يغير شيء على مستوى الممارسة، خصوصا في ظل غزارة الملفات الرائجة ونذرة القضاة الباتة فيها..
ب-ترشيد الإعتقال الإحتياطي .
وفي إطار ترشيد الاعتقال الاحتياطي جاءت المادة 299 بمستجد يسمح للهيئة القضائية بالبت تلقائيا في مدى استمرارية الاعتقال الاحتياطي… كما تم النص في المادة 307 على مبدأ البت داخل أجل معقول. ومن أجل حل مشكلة حضور المتهمين والتصدي لظاهرة *يعاد للمتهمين* أقرت المادة 314 صلاحية المحكمة في فصل ملف القضية ومواصلة محاكمة المتهمين الحاضرين بكيفية مستقلة…
ج- مستجدات أداء اليمين و الشهادة.
وألزمت المادة 318 الترجمان بأداء اليمين القانونية قبل الشروع في ترجمة الأقوال… ووفق المادة 326 فاستدعاء أعضاء الحكومة لأداء الشهادة أصبح بناء على إذن “رئيس الحكومة” بدل “المجلس الوزاري”.
د- مستجدات حول الأحداث و الضحايا .
وحماية للأحداث ضحايا الجرائم، مكنت المادة 351 رئيس الهيئة المحالة عليه القضية أن يعين وكيل خصوصي يتقدم بالمطالب المدنية لفائدة القاصر.
هاء- مستجدات في الأحكام .
وحلا لمعضلة تحرير الأحكام، أكدت المادة 364 على ضرورة تحرير الأحكام قبل النطق بها، وفي حالة تعذر ذلك فالحكم يجب أن يكون محرراً داخل أجل لا يزيد عن ثمانية أيام من تاريخ النطق به. كما أسست المادة 365 من المشروع لتوقيع الأحكام والقرارات إلكترونيا، انسجاما مع ورش الرقمنة في أفق إرساء معالم محكمة رقمية.
واو- في الصلح الجنائي و الدعوى العمومية و الإعدام :
وبخصوص الصلح الجنائي، وسع المشرع( في المادة 41 مكررة 1) من الجرائم المسموح سلوك الصلح في إطارها، وأسند المشرع في المادة 372 من جهة أخرى القيام بمهمة الصلح لوسيط يعينه الأطراف أو محاميهم أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة.
وفي إطار المادة 410 فمقيم الدعوى العمومية عن طريق الشكاية المباشرة، يترتب عن استنافه نظر محكمة الاستئناف في الدعويين العمومية والمدنية.
هذا وأصبح لا يمكن النطق بعقوبة *الإعدام* إلا بإجماع القضاة الذين تتألف منهم هيأة الحكم حماية للحق في الحياة..
*الكتاب الثالث: القواعد الخاصة بالأحداث.*
وعيا من المشرع ما لحماية الأحداث وتهذيبهم من أثر بليغ على مستقبلهم، آثر إلا أن يعزز ضمانات محاكمتهم ويمتعهم بمعاملة تفضيلية مقارنة بالرشداء ، وهكذا سمح المشروع في المادة 460 بإمكانية حضور المحامي خلال الإستماع إلى الحدث من طرف الضابطة القضائية بعد ترخيص النيابة العامة. وحسب المادة 473 من المشروع لا يمكن إيداع الحدث المؤسسة السجنية والذي لم يبلغ 14 سنة في الجنايات، و16 سنة في الجنح بدل 12 سنة في القانون الحالي، وإذا كان الحدث لا تتجاوز سنه 12 سنة تقضي النيابة العامة بحفظ الملف وتسلم القاصر لذويه.
كما أعطى المشروع في المادة 501 مكررة 1 للهيئة القضائية صلاحية استبدال العقوبة الحبسية المحكوم بها على الحدث بواحد أو أكثر من التدابير التربوية، وهي خطوة تشريعية سَتُسهِمُ في تقويم سلوك الأحداث الجانحين وإعادة إدماجهم في المجتمع بدل الزج بهم في السجون..
كما أن قرار إيداع الحدث في السجن يتطلب وفق المشروع أن يكون معللا تعليلا وافيا مع وجوب تضمينه أسباب عدم تمتيع الجانح بالتدابير البديلة وفق ما انتهت اليه المادة 473. كما رفع المشروع في المادة 517 سن الاستفادة من التدابير القضائية في إطار الوضعية الصعبة من 16 سنة إلى 18 سنة، وذلك بغية تعزيز الطابع الحمائي للقاصر.
*الكتاب الرابع: طرق الطعن غير العادية.*
بخصوص مستجدات الطعن بالنقض، فوفق القانون الحالي للرئيس الأول ورئيس الغرفة الجنائية وللغرفة الجنائية نفسها إحالة القضية إلى هيئة للحكم مكونة من غرفتين مجتمعتين للبت فيها، و حسب المادة 542 من المشروع لدفاع الأطراف الحق في تقديم نفس الملتمس، وهي طبعا خطوة إيجابية تهدف أساسا إلى الموازنة بين طرفي الدعوى العمومية سلطة قضائية/دفاع.
*إعادة النظر
وطبقا للمادة 563 أصبح تنظيم الطعن بإعادة النظر مستقل تمام الاستقلال بدل الإحالة على إجراءات الطعن بالنقض وفق القانون الحالي، كما تم التنصيص صراحة على أن سلوك إعادة النظر لا يوقف تنفيذ الحكم بالإدانة.
*المراجعة
هذا وقد طرأ تعديل على الحالة الرابعة للطعن بالمراجعة، فحسب المادة 566 أصبحت الحالة المذكورة من صلاحيات الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بدل وزير العدل.
*الكتب الثلاثة الاخيرة:*
جاء التنصيص في المادة 596 صراحة على تعيين قاضي تطبيق العقوبات من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية(بدل وزير العدل) في ملاءمة تامة مع المستجدات التشريعية في هذا المضمار.
*صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات
كما تم توسيع صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات لتشمل حتى إمكانية اقتراح العفو. وبموجب المواد 632-1 إلى 632-7 تم التقعيد لمفهوم *التخفيض التلقائي للعقوبة* في خطوة تشريعية غير مسبوقة تتماهى في إطارها مع التشريعات المقارنة في هذا المضمار، وهي مقتضيات تحفز السجناء على السلوك القويم والمسؤول كشرط للاستفادة من هذا الامتياز، مما سينعكس في نهاية المطاف على سلوكهم الاجتماعي.
* رد الاعتبار
وعلى مستوى رد الاعتبار، خفض المشروع في المادة 687 من آجاله بل وأعفى السجناء من هذه المدة إذا ما أبانو عن انخراطهم الجاد والمسؤول في برامج التأهيل والإدماج الإجتماعيين. هذا وقد أصبح رئيس كتابة الضبط مختص بتنفيذ رد الاعتبار التلقائي طبقا للمادة 689-1 من المشروع.
*السياسة الجنائية
ونشير أخيرا أن المشروع نظم مؤسسة *السياسة الجنائية* بشكل مستقل ودقيق (بدل الإشارة العابرة في المادة 51 من القانون الحالي)، إذ تم إعطاء مفهوم للسياسة الجنائية فعرفتها المادة 51-1 بأنها جزء من السياسات العمومية التي تشمل قواعد وتدابير تتخدها الدولة في مجال مكافحة الجريمة والوقاية منها. كما أناط المشروع مهمة تنفيذ السياسة الجنائية برئيس النيابة العامة وبعده النيابات العامة بالمملكة (بدل وزير العدل بمفهوم القانون الحالي).
و يعد هذا المشروع خطوة إيجابية نحو تنظيم و تأهيل قطاع العدالة بالمملكة المغربية .. و هي خطوة تحسب للحكومة الحالية عامة و لوزيرها في العدل عبداللطيف وهبي .