أزمة الجماهير خلال الدور الأول من كأس إفريقيا 2025.

منذ 3 ساعات
أزمة الجماهير خلال الدور الأول من كأس إفريقيا 2025.

إدريس سحنون 

حملت مباريات الدور الأول من كأس الأمم الإفريقية 2025 صورة غير مألوفة في الذاكرة الكروية القارية، حيث تزامن مستوى تنظيمي مرتفع وبنية تحتية متطورة مع مدرجات لم تبلغ الامتلاء المنتظر. هذا التناقض فتح نقاشا واسعا حول أسباب الغياب الجماهيري، نقاش سرعان ما تجاوز السطح ليكشف أن المشكلة لم تكن في الحدث ولا في الجمهور، بل في الآليات التي فرضت عليه.

ففي الوقت الذي روج فيه لبيع التذاكر بالكامل، عكست المشاهد داخل الملاعب واقعا مغايرا، إذ بقيت مساحات واسعة من المقاعد خالية. هذا الخلل لم يكن معزولا، بل ارتبط مباشرة بنظام بيع إلكتروني حصري، أثبت محدوديته وعجزه عن الاستجابة لطلب جماهيري حقيقي، وفتح الباب أمام سماسرة حولوا التذاكر من حق للجمهور إلى سلعة نادرة تتداول خارج القنوات الرسمية.

ومع تمدد السوق السوداء وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وجد عدد كبير من المشجعين أنفسهم خارج المدرجات، ليس بسبب ضعف الرغبة في المتابعة، بل بسبب الإقصاء غير المعلن.

وشكل اللجوء إلى فتح أبواب بعض الملاعب مجانا بعد انطلاق المباريات  لحظة كاشفة، إذ امتلأت المدرجات بسرعة، وتبددت أطروحة العزوف الجماهيري. لقد أثبت الواقع أن الجمهور كان حاضرا، لكنه حرم من الولوج في الوقت المناسب، وأن الأزمة كانت أزمة سياسة لا أزمة اهتمام.

هكذا، كشف الدور الأول أن نجاح البطولة لا يقاس فقط بجودة الملاعب ولا بانضباط التنظيم، بل بمدى احترام الجمهور باعتباره القلب النابض للعبة. هكذا ظل الفراغ في المدرجات شاهدا على خلل في التدبير، أكثر منه مؤشرا على فتور الشغف بكرة القدم الإفريقية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق