زبقلم: غزة مجيد
في مدينة خريبكة، حيث تكتسب حرارة الاسمنت رمزية أكبر من حرارة شوارعها، التقطت عدسات الكاميرات لحظة بسيطة لكنها تحمل معانٍ عميقة في مشهد يتناغم مع روح المدينة وأهلها. رجل أمن، بزيه الرسمي ووجهه المشرق بابتسامة صادقة، أمسك بيد امرأة مسنة وسلمها عبور الطريق بأمان وحنان.
هذا المشهد لم يكن مخططاً أو مسرحياً، ولا حملة تواصلية يديرها مكتب العلاقات العامة، بل كان لحظة عفوية تجسد جوهر المدينة التي تعكس خجلها، نقاءها، وأصالتها. فذلك الشرطي لم يكن يضبط حركة السير فقط؛ بل أوقف زمن التيه والشك الذي صادف البشرية عند تساؤلها عن معنى “الإنسانية”.
اللقطة هذه تؤكد أن رجل الأمن في المغرب ليس مجرد واجهة تنظيم مرور أو صفارات إنذار، بل هو الضمير الحي الذي يقف على مفترق طريق بين الواجب والرحمة. فالأمن ليس بعدد الدوريات، ولا بكمية السيارات، بل بعدد القلوب النابضة بالرحمة تحت الثوب الرسمي.
المرأة المسنة عبرت الطريق بسلام، لكننا نحن عبرنا معها نحو أفق جديد من الأمل في وطن يتوق إلى أكثر من مجرد إجراءات، إلى قيم إنسانية حقيقية. خريبكة، تلك المدينة الملقبة بحزام الفوسفاط، أعادت اليوم تقديم حزام جديد من القيم الإنسانية.
شكراً لذلك الشرطي الذي لم ينتظر كاميرا لتوثيق موقفه، لأن الوطن الحقيقي لا يحتاج إلى تمثيل أو عروض بصرية، بل يحتاج إلى رجال مثله يكتبون فصوله بأفعالهم النبيلة لا بكلماتهم الفارغة.





