بقلم: غزة مجيد
في زمن تعلو فيه الأصوات عن تمكين المرأة وتكثُر فيه الشعارات، قلّما نجد مبادرات تتحول إلى أثر ملموس في حياة النساء، خصوصًا في المدن الداخلية مثل خريبكة. لكن ما قامت به Act4Community Khouribga، التابعة لمجموعة OCP، بالشراكة مع Social Innovation Lab بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات (UM6P)، ليس مجرد مبادرة عابرة، بل خطوة جريئة لتغيير قواعد اللعبة:
27 امرأة من خريبكة جمعتهن الرغبة في أن يصنعن فرقًا حقيقيًا، فوجدن أنفسهن، بين 14 و18 يوليوز، في معسكر تدريبي مكثف ببنجرير، حيث كان التفكير التصميمي (Design Thinking) هو المفتاح.
في هذا المعسكر، لم يكن الحديث عن المشاريع مجرد تنظير، بل كان أشبه بمختبر واقعي. النساء تعلمن أن أي مشروع ناجح يبدأ من سؤال بسيط: ماذا يحتاج الناس فعلاً؟..
عبر مراحل التفكير التصميمي الخمس: الإحساس، التعريف، توليد الأفكار، النمذجة، والاختبار، صارت كل امرأة منهن قادرة على أن تضع يدها على نبض المستفيد، وأن تحوّل فكرتها من مجرد حلم على الورق إلى نموذج ملموس يُختبر أمام الواقع.
استخدام أدوات مثل شخصيات افتراضية (Personas)، وبطاقات تجربة المستخدم، وجلسات توليد الأفكار، جعل النساء يتعلمن ليس فقط كيف يقدمن مشروعًا، بل كيف يصممن تجربة تلامس المستهلك وتحقق قيمة مضافة.
في خمس أيام، عاشت المشاركات تجربة أقرب إلى رحلة إعادة اكتشاف الذات. لم يعدن مجرد حاملات أفكار، بل نساء يعرفن كيف يُبنين قصة مشروع، كيف يُصممن نموذجًا أوليًا، وكيف يُقدمن أفكارهن بثقة أمام أي لجنة أو مستثمر.
البرنامج لم يكن مجرد تدريب، بل بيداغوجيا نشيطة تمزج بين الجانب النظري والجلسات التطبيقية، بين التفكير الفردي والعمل الجماعي. كان كل يوم يفتح أبوابًا جديدة للإبداع، ويُسقط حواجز الخوف من الفشل.
هذه المبادرة لم تكتفِ بتقديم مفاهيم نظرية، بل منحت النساء أدوات عملية يمكن أن يستخدمنها فورًا لتطوير مشاريعهن.
Act4Community Khouribga، من خلال مركز WEC (مركز تمكين النساء في ريادة الأعمال) التابع لمركز تعزيز كفاءات المرأة (CRCF)، تُثبت مرة أخرى أن الاستثمار في الإنسان – خصوصًا المرأة – هو أقوى أشكال التنمية.
لقد خرجت النساء من المعسكر وهن يحملن أكثر من أفكار مشاريع؛ خرجن بثقة متجددة، وبروح تعاون جماعي، وبقدرة على تحويل التحديات إلى فرص.
ما يحدث في خريبكة اليوم هو نموذج يجب أن يُدرس: عندما تتعاون المؤسسات الكبرى مثل OCP مع الجامعة والمجتمع المدني، يمكننا أن نخلق تغييرًا عميقًا ومستدامًا.
هذه التجربة تقول بوضوح: التمكين ليس كلمة براقة في المؤتمرات، بل ورشة حقيقية تعيد للمرأة صوتها وقدرتها على صنع المستقبل.
