إدريس سحنون
قراءة في كتاب عبد الله القصيمي “العرب ظاهرة صوتية”
في كل مرة يرتفع فيها صوت الخطابة العربية، تتردد أصداء اللاجدوى. ذلك ما يثيره الكاتب والفيلسوف عبد الله القصيمي في كتابه الشهير “العرب ظاهرة صوتية”، الذي صدر لأول مرة في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال يحتفظ براهنيته الصادمة حتى اليوم.
بطاقة تعريف بالكتاب
العنوان: العرب ظاهرة صوتية
المؤلف: عبد الله القصيمي
النوع: فكر، نقد ثقافي، فلسفة اجتماعية
اللغة: العربية
عدد الصفحات: حوالي 400 صفحة (حسب الطبعات)
تاريخ النشر: ستينيات القرن العشرين
قراءة في العنوان
يحمل عنوان الكتاب دلالة عميقة واستفزازية: فـ”الظاهرة الصوتية” تشير إلى أمة تهدر طاقتها في الكلام، الخطابة، والجدل، بينما تتراجع عن الفعل والتغيير الحقيقي. الصوت هنا لا يعكس الحياة، بل يفضح غيابها.
موضوع الكتاب ومحاوره الكبرى
ينطلق القصيمي من رؤية نقدية جذرية للعقل والثقافة العربيين، مشيرا إلى أن العالم العربي يعيش فصاما بين الخطاب والممارسة.
أبرز محاور الكتاب:
1. العرب والخطابة بدل الفعل:
يؤكد أن العرب يحتمون بالكلام ويكتفون بالخطابة، في حين أن الواقع يشهد على غياب الأثر العملي. فالضجيج اللفظي صار بديلا عن الفعل الحضاري.
2. نقد العقل العربي:
يراه عقلا دفاعيا، يقدس المألوف ويرفض التساؤل والنقد. لا ينتج معرفة، بل يعيد تدوير الجاهز والموروث.
3. التخلف الحضاري:
التخلف، وفق القصيمي، ليس نتيجة مؤامرة خارجية، بل خيار داخلي. العرب اختاروا الجمود ورضوا بالقشور.
4. الدين والتقليد:ينتقد تحول الدين إلى طقوس شكلية، تفرغ من جوهرها الإنساني والعقلي، وتستخدم لقمع التفكير.
5. غياب الحرية والعقلانية:
لا يمكن للعقل أن يبدع في بيئة تكممه وتمنعه من السؤال. ومن دون حرية، لا نهضة.
أسلوب القصيمي
أسلوبه هجومي، ساخر، ومشحون بالمفارقة، يهدف إلى الصدمة والتشكيك في المسلمات. يستخدم التكرار لتأكيد أفكاره، ويكتب بلغة فلسفية متمردة لا تخلو من جمالية التعبير.
اقتباسات مختارة
“إننا لا نكون شيئا إلا إذا صرخنا، وإذا صمتنا كنا عدما.”
“العربي لا يفكر لأنه يخاف، وإذا فكر كان خوفه أكبر.”
“كلما ضج صوت عربي قويا، دل على أن فعله فارغ.”
“التاريخ العربي هو تاريخ الكلام لا تاريخ الفعل.”
“إن العرب إذا مدحوا شيئا قتلوه، وإذا عشقوا فكرة خنقوها بكثرة ما يصرخون بها.”
أهمية الكتاب
هذا العمل يعد من أبرز المحاولات الفكرية التي مارست نقدا داخليا شرسا للثقافة العربية، وقد أثار جدلا واسعا ما زال قائما إلى اليوم. إنه ليس كتابا للطمأنينة، بل للصدمات المفيدة، وهو نداء فكري لاجتراح وعي جديد.