من قاعة الدرس إلى واقع الحرب: تأملات في فعالية القانون الدولي الإنساني

9 أبريل 2025
من قاعة الدرس إلى واقع الحرب: تأملات في فعالية القانون الدولي الإنساني

بقلم الطالب الباحث عبد الكريم ناصري

عندما كنت ادرس في سلك الاجازة قانون عام وبالظبط في السداسي السادس درسنا مادة القانون الدولي الانساني حيث يعد القانون الدولي الإنساني أحد أبرز الأدوات القانونية التي تهدف إلى حماية حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة حيث يحدد القواعد التي يجب على أطراف النزاع الالتزام بها لضمان الحد الأدنى من الإنسانية وحماية المدنيين والممتلكات العامة. ورغم أن هذا القانون يحمل أهمية كبيرة في نظرية العدالة الإنسانيةكما درستني استاذة مشهود لها بالكفاءة فإن تطبيقه على أرض الواقع يواجه العديد من التحديات مما يثير تساؤلات حول فعاليته وكفاءته في منع أو الحد من الانتهاكات التي تحدث في الحروب وخاصة ما يحدث اليوم في قطاع غ*زة.

حيث ان أبرز الانتقادات التي توجه للقانون الدولي الإنساني هو افتقاره إلى آليات فعالة للتنفيذ والمراقبة فالقانون يعتمد على الدول الأطراف في النزاع للامتثال له ولكن في الكثير من الأحيان كما يحصل اليوم في غ*زة لا تلتزم دولة اسرائيل بالقوانين بسبب غياب آليات ضغط قوية كما أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بقدرة كافية على تنفيذ قراراتها علي دولة إسرائيل مما يعيق محاسبة المجرمين الدوليين.

كما تتداخل السياسة مع تطبيق القانون الدولي الإنساني بشكل كبير حيث تتأثر القرارات والأنشطة الدولية بالصراعات السياسية والمصالح الاستراتيجية في العديد من الحالات تقوم الدول الكبرى بحماية حلفائها من المساءلة القانونية وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية مع حليفها مما يسمح للانتهاكات الإنسانية بأن تمر دون محاسبة مما يظهر التناقض بين المبادئ القانونية والمصالح السياسية.

مع تطور أساليب الحروب والنزاعات المسلحة أصبح من الصعب تطبيق القانون الدولي الإنساني في سياقات جديدة مثل الحروب غير التقليدية مثل الحروب الأهلية والصراعات بين مجموعات غير حكومية أو الحروب ذات الطابع الهجين التي تجمع بين الحروب النظامية وغير النظامية. في مثل هذه الحالات، يصعب تحديد الأطراف المتحاربة بدقة مما يجعل من الصعب تطبيق قوانين حماية المدنيين هذا بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الطائرات بدون طيار التي تثير أسئلة حول المسؤولية القانونية في الهجمات الجوية على المناطق المدنية.

يعتبر غياب العدالة الدولية عن العديد من الصراعات المستمرة حول العالم أبرز أوجه الفشل في تطبيق القانون الدولي الإنساني في كثير من الأحيان لا يُفرض أي عقوبات على الدول التي تقوم بانتهاك القوانين الإنسانية بل على العكس غالبا ما يستمر النزاع لفترات طويلة دون تدخل فعال من المجتمع الدولي هذا يؤدي إلى استمرار معاناة المدنيين في مناطق النزاع

وفي الاخير رغم أن القانون الدولي الإنساني يمثل حجر الزاوية لحماية الإنسانية في أوقات الحرب فإنه يواجه العديد من التحديات في التطبيق العملي على الأرض إن تفعيل القانون يتطلب إرادة سياسية قوية من الدول الكبرى بالإضافة إلى تحسين آليات التنفيذ والمراقبة وزيادة التدريب والتوعية بالقوانين الدولية وفي حال غياب هذه العوامل سيظل القانون الدولي الإنساني مجرد نصوص نظرية يصعب تنفيذها في الواقع مما يهدد سلامة المدنيين وحياة الأبرياء في مناطق النزاعات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق