من القاع إلى القمة… عبر السلالم الخلفية: سياسي بلا أصل يتوَّج بلقب عام 2024!

31 ديسمبر 2024
من القاع إلى القمة… عبر السلالم الخلفية: سياسي بلا أصل يتوَّج بلقب عام 2024!

زنقة36_غزة مجيد

في عصرٍ انقلبت فيه القيم، وصارت الأوسمة تُمنح للقوادين، والشواذ يُرفعون فوق الأعناق، والمومسات يُقدّمن على أنهن أيقونات الحداثة، لا غرابة أن يتوَّج سياسي بلا أصل ولا مبدأ بلقب شخصية السنة 2024. إنه السياسي البهلوان، الذي خرج من الأزقة المظلمة، مُحمّلاً برائحة الصفقات الفاسدة، ليقف اليوم في بؤرة الأضواء، متزيناً بساعة ذهبية وربطة عنق فاخرة، كأن البدايات القذرة يمكن طمسها ببعض الطلاء الزائف.!

كان بالأمس يتجول بحذاء مثقوب وملابس بالية، واليوم يمشي بنفس الخطوات المتعثرة كالبطريق، وإن لبس أفخر الأحذية الإيطالية. تغيّرت البدلة، وحتى نوع العطر الذي يضعه، لكن شيئاً واحداً لم يتغير—مشية البطريق التي تفضح أصله.

يستطيع أن يلمّع وجهه بالبوماد السياسية، وأن يضع أغلى الساعات في معصمه، لكنه لن يستطيع تغيير تلك الخطوات المرتبكة التي تُذكّر الجميع بأنه جاء زاحفاً، لا ماشياً.

لم يدخل السياسة عبثاً، بل دخلها من الأبواب الخلفية، حيث لا تُطرح الأسئلة عن الشرف ولا عن المبادئ. بدأ حياته كقوادٍ بارع، يُنفّذ المهمات القذرة لأصحاب النفوذ، حتى اكتسب ثقتهم وتعلم منهم فنون النفاق والتلاعب.

وعندما تدرّج في المناصب، لم يكن ذلك بفضل الكفاءة، بل لأنه عرف كيف يُدير الصفقات في الظل، ويتقن فنون بيع المبادئ مقابل المناصب. واليوم، يقف على المنصة، يُلقي الخطب عن الأخلاق كأنه قدّيس، بينما الجميع يعرف أنه مجرد بهلوان في مسرح السياسة.

لم يكن هذا السياسي وحده نتاج هذا الزمن الرديء. فقد صعد معه حاشيته من المومسات الفكرية، والشواذ السياسيين، الذين يجيدون فنون التلون والخداع. هؤلاء لم يصلوا بالعمل الجاد، بل بالمؤامرات والعلاقات المشبوهة.

فلا غرابة أن يتحول المهرجون إلى قادة، وأن تُرفع المومسات فوق المنابر، وأن يُقدّم الشواذ كقدوة في مجتمع صار يحتفي بالانحراف ويُهمّش الشرفاء

هو رجل يُحب الحفلات وقصّ الأشرطة الحمراء، ويُفضّل الأضواء على الإنجازات. يظهر في المناسبات، يُلوّح بيده من نافذة السيارة الفارهة، بينما تلمع ساعته الذهبية كأنها دليل على النجاح.

لكنه يختفي عند أول أزمة، ويغيب عندما تتطلب الأمور العمل الجاد. لأنه يعرف أن الميكروفونات والكاميرات هي ملعبه الحقيقي، أما الأزمات فهي لا تُظهر الساعة الذهبية، ولا تُبرز البدلة الإيطالية.

رغم كل محاولاته لتغيير صورته، بقيت مشيته البطريقية شاهدة عليه. يمشي كأن قدميه ما زالتا عالقتين في أوحال الماضي، وكأن الزحف الذي بدأ منه قد ترك أثراً لا يمكن محوه.

وعندما يتحدث عن النزاهة والوطنية، تنهمر دموعه المصطنعة كدموع التماسيح، بينما يضحك الجميع في سرّهم على هذا العرض الهزلي.

ساعة الذهب التي يضعها في معصمه تُذكّر الجميع بأنه يُتقن تزيين معصمه أكثر مما يُتقن إدارة الأزمات. تُلمع في وضح النهار بينما تُخفى الحسابات السرية في الظل.

إنه رجلٌ يُضيع الوقت أكثر مما يُديره، ويُفضّل أن يلمع بنفسه بدلاً من أن يلمع عمله.

لا عجب أن يكون بطل هذا العام هو من بدأ بالزحف وانتهى بالقفز. هو ابن الأزقة المظلمة، الذي عرف كيف يُقايض الشرف بالفرص، وكيف يصعد فوق جثث الكفاءة والنزاهة.

لقد صعد عبر النوافذ الخلفية، لا عبر الأبواب المفتوحة، ووصل إلى القمة لأن النظام نفسه يُكافئ الزحف والتملق.

قد يقول البعض إن العيب ليس في هذا البهلوان، بل في من ترك له الأبواب مفتوحة، وفي المسؤول الذي يُكافئ أمثاله.

فاللوم ليس عليه، بل على المسؤولين الذين تركوا الحبل على الغارب، والجماهير التي صفّقت، والإعلام الذي طبّل، حتى صارت السياسة سيركاً والانتخابات حفلاً تنكرياً.

إذا كان هذا هو قائد المستقبل، فلا تنتظر رجالاً شرفاء. بل استعد لرؤية بطاريق أخرى تُقلّد نفس الخطوات المتعثرة، وترتدي نفس البدل اللامعة، وتُعيد نفس الخطب الفارغة.

إنه عصر المهرجين، والقوادين السياسيين، والمومسات الفكرية. فابحث عن مكان في الزوايا المظلمة إن كنت تحمل شرفاً، لأن الضوء صار حكراً على الوجوه المطلية بالذهب!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق