زنقة 36 غزة مجيد
مارايكم لو خصصنا هذه السنة لتكريم السياسيين الفاسدين؟ أولئك الذين جعلوا من الكذب والنفاق فناً ومن السرقة إنجازاً يُدرّس في كتب الاقتصاد. مارايكم لو أقمنا لهم حفلاً باذخاً، ووزعنا عليهم الأوسمة، تكريماً لإبداعهم في تحويل أموال الشعب إلى أرصدتهم الخاصة؟
مارايكم لو رفعنا القبعات تحيةً لتجار المآسي الذين جعلوا من آلام الناس سلعة تُباع وتشترى، وحولوا المعاناة إلى أرباح شخصية؟ مارايكم لو دعونا أصحاب التفاهة وأهل النخاسة ليشاركوا في لجنة التحكيم، فهم أهل خبرة في هذا المجال؟
مارايكم لو خصصنا جوائز خاصة لأبناء العاهرات الذين زاروا مكة وعادوا منها أئمةً يُلقبون بالمؤمنين وهم في الحقيقة تجار للدين؟ مارايكم لو صنعنا لهم تماثيل من ذهب تُنصب في الميادين العامة، ليكونوا عبرة لكل من أراد أن يتسلق على أكتاف البسطاء ليصبح من الأغنياء؟
مارايكم لو أقمنا احتفالاً ضخماً، ودعونا إليه الحفاة العراة الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها أصحاب القصور، والسياسيين الذين كانوا لا يملكون قوت يومهم وأصبحوا يتحكمون في أرزاق الملايين؟ مارايكم لو وزعنا عليهم شهادات التقدير، على جهودهم في تحويل السياسة إلى سوق للنفاق؟
مارايكم لو كرمنا الحمير، وقدّمناها كشخصيات العام؟ على الأقل، هي صادقة، تعمل بجدّ ولا تخدع. في زمننا هذا، ربما تستحق الحمير التكريم أكثر من كثير ممن يسمّون أنفسهم قادةً وسياسيين!
مارايكم لو منحنا جائزة الإبداع في الكذب لأولئك الذين يعدوننا يومياً بالتغيير والإصلاح، بينما يتغير فقط مستوى رفاهيتهم وإصلاح أرصدتهم البنكية؟ مارايكم لو أنشأنا أكاديمية لتعليم النفاق، يشرف عليها أبرز خبراء الكذب الذين صنعوا أمجادهم من بيع الأوهام؟
مارايكم لو أضفنا فقرة الوفاء للماضي وكرمنا الخونة الذين باعوا ضمائرهم في المزادات العلنية، ونظمنا لهم طابور شرف؟ مارايكم لو منحناهم لقب رواد النفاق الحديث ، فهم بلا شك يستحقون أن يُخلَّدوا في كتب التاريخ كنموذج للعار!
مارايكم؟ هل أصبحنا بحاجة لمثل هذا
التكريم لنكشف حجم المهزلة؟ أم أن الأمر أصبح عادياً، لا يحتاج سوى تصفيقنا المعتاد؟