زنقة36_غزة مجيد
في مشهد يعكس الصراع على الموارد والنفوذ، أثارت قضية الحمار والكلب الأسود جدلًا واسعًا في الغابة، حيث باتت أفعالهم محط أنظار الجميع. فقد تمادى الحمار في تناول محصول التبن والفول من حقول الغير، متحولًا من مجرد سارق للمحاصيل إلى مُخططٍ لمؤامرة تطال أركان السلطة. وكان الغزال، الحارس الأمين، يقوم بواجبه في حماية الحقول والمحاصيل من السرقات المتكررة التي يرتكبها الحمار. ومع ذلك، لم يكن الغزال يتوقع أن ينقلب عليه الحمار بالتواطؤ مع الكلب الأسود، ذلك الكلب الذي يحمل في قلبه إرثًا من الغدر والخداع.
بتحريض من الكلب الأسود، قرر الحمار تقديم شكوى ضد الغزال، متهمًا إياه بالتعدي على حقوقه ومنعه من “التمتع بالخير العام”. استغل الكلب الأسود قدرته على التحايل واستمالة الحمار إلى جانبه، ليبني قضية زائفة ويثير الرأي العام في الغابة، مدعيًا أن الغزال يتدخل فيما لا يعنيه، ويصادر حقوق الآخرين، ولا يحمل وثائق تثبت حقه في السكن. وادعى الحمار كذلك أن الغزال يشتمهم كلما مروا بجانبه، وأنه طالبهم بالمحصول.
لم يكن الأسد، القائد الأعلى للغابة، ينوي الانجرار وراء الاتهامات بسرعة. فقد اختار التعامل بحكمة وشفافية، وقرر إحالة القضية إلى النمور الموثوق بهم، المعروفين بنزاهتهم وحرصهم على كشف الحقائق بعيدًا عن التحيز والتلاعب. أصبحت هذه القضية حديث الساعة في الغابة، حيث انقسمت المخلوقات بين مؤيد للحمار ومعارض له، غير مدركين أن وراء هذه الشكوى أيادٍ تسعى لإثارة الفوضى وتحقيق مصالح ضيقة.
بكل نزاهة وشفافية، شرع النمور في التحقيق في تفاصيل الشكوى، واتضح أن الغزال، المعروف بوفائه وإخلاصه، لم يكن يقوم إلا بواجبه في حماية المحاصيل ودرء المخاطر عن الحقول. أكد التقرير النهائي الذي أصدره النمور أن الغزال لم يكن سوى حارس أمين للحقول، وأن اتهامات الحمار كانت بلا أساس حقيقي، بل مجرد محاولة للتهرب من المسؤولية واستغلال الموارد المشتركة لتحقيق مكاسب شخصية.
وفي الختام، تجسدت العدالة في قرارات الأسد الحكيم وشفافية النمور في التحقيق، مما أرسى مثالاً يحتذى به في النزاهة وحسن التدبير. هذه القضية كانت تذكيرًا للجميع بأهمية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وبأن الحقيقة لا بد أن تُعلَن مهما كانت الظروف.