نقة36_غزة مجيد
تخيلوا لو أن سقراط، الذي ظن الجميع أنه قد خرج من الساحة السياسية بعد خسارته الأولية، لم يستسلم ورفع دعوى أمام المحكمة الدستورية فور إعلان فوز منافسه. المنافس الفائز، المحتفل بانتصاره، كان يعتقد أن الطريق إلى البرلمان مفروش بالورود، ولكن سقراط كان لديه رأي آخر. فبدلاً من الاستسلام، قام بتحريك الأوراق القانونية التي أشعلت شرارة الترقب.
تخيلوا لو أن المحكمة الدستورية أخذت وقتها؛ 15 يوما أكاملة لدراسة القضية. الفائز يتجول في قاعات الاحتفالات، ينعم بالتبريكات، وربما يخطط للخطاب الذي سيلقيه في أولى جلسات البرلمان. لكنه لم يكن يعلم أن هناك عاصفة تقترب. المنافسون من حوله يهنئونه، وهم يضعون خططًا مستقبلية، وكأن النصر بات ملكًا لهم إلى الأبد. تخيلوا كيف كانوا يتناولون أحاديثهم في المقاهي، وهم يتفاخرون بانتصارهم الحتمي.
ثم، تخيلوا المفاجأة، بعد 15 يوما، المحكمة الدستورية تقلب الطاولة. القرار جاء لصالح سقراط! المنافس الفائز يجلس وهو يمسك برأسه غير مصدق. هل كانت الحفلة مجرد وهم؟ هل ضاعت المقاعد البرلمانية قبل أن يجلس عليها؟ تخيلوا تلك اللحظة عندما يكتشف أن كرسي البرلمان ليس كما كان يظن، وأن “الورد” الذي تخيله مجرد أشواك.
السخرية هنا تبدأ: تخيلوا لو أن المنافس الفائز، الذي كان يحتفل ويتجول كأنه الفائز في سباق ماراثون، يعود إلى منزله منهزمًا كمن انتهى منه الوقود قبل خط النهاية. “لقد فزت؟!، لا، لا، لقد خُدعت!”، يقول لنفسه وهو ينظر إلى صورته في المرآة متسائلاً أين أخطأ. كانت “البطاقة الذهبية” التي كان يظن أنه يحملها، مجرد ورقة خاسرة!
تخيلوا الذين كانوا يجلسون في الزوايا يتحدثون عن انتصارهم الساحق، يتفاجأون بأن خططهم ذهبت مع الريح. المقاعد البرلمانية التي كانوا يتفاخرون بحجزها لم تعد في متناول أيديهم. تخيلوا تلك المحادثات التي كانوا يقيمونها بعد القرار: “هل يمكننا استرجاع التذاكر؟”. السخرية تكمن في أنهم كانوا يخططون لحفلات النصر، ولكنهم الآن يخططون لحفلات “العزاء السياسي”.
تخيلوا كيف سيبدو رد فعل المنافسين الذين كانوا يجهزون خطب النصر، ويخططون لالتقاط الصور التذكارية في البرلمان، والآن يجدون أنفسهم يحاولون إخفاء الخيبة. “ماذا حدث؟”، يتساءلون وكأنهم يعيشون في كابوس. واحد منهم ربما يحاول إقناع نفسه بأن هناك خطأ، وأن المحكمة الدستورية مجرد فخ سياسي.
أما سقراط، تخيلوا لو أنه يبتسم الآن، بعدما تحول من “الخاسر” إلى الفائز بعد 15 يوما فقط. تخيلوا أنه يتابع تلك الوجوه المتفاجئة، وهو يقول في سره: “لعبة السياسة ليست سهلة كما كنتم تظنون، هي مثل لعبة الشطرنج، الحركة الأخيرة هي التي تحدد الفائز”. سقراط يعرف الآن أنه انتصر ليس فقط قانونيًا، بل أيضًا في إثارة الفوضى في معسكر المنافسين.
وأخيرًا، تخيلوا الإدارة وهي تحاول صياغة بيان رسمي يعبر عن احترامها لقرار المحكمة الدستورية، ولكن خلف الأبواب المغلقة، يمكنكم تخيلها تقول: “كيف يمكننا أن نستعد لكل هذه المفاجآت؟”.