بقلم: غزة مجيد
دخل اليوم الإثنين 8 دجنبر 2025 القانون رقم 03.23 المكمّل للقانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية حيّز التنفيذ. قد يبدو للبعض مجرّد رقم جديد يضاف إلى ركام القوانين، لكن الحقيقة أنّه صفّارة إنذار سياسية أكثر مما هو إصلاح تقني.
فالسياسيون الذين اعتادوا النوم فوق جبال من الريع، والذين يظنون أن دهاءهم يكفي لطيّ الملفات ودفن الشكايات… هؤلاء عليهم أن يخفضوا منسوب الفرح. فلا شيء في القانون الجديد يبشّرهم بالطمأنينة، ولا شيء في موجته التشريعية يسمح لهم بتفسيره كما يشاؤون.
ففي الوقت الذي اعتاد فيه البعض قراءة القوانين بالمقلوب، جاءت خطوة هيئة النزاهة لتضعهم أمام مرآة جديدة:
خطة وطنية لإرساء منظومة آمنة للتبليغ عن الفساد.
منظومة لا تحتاج وسيطاً ولا شيخ قبيلة ولا صاحب نفوذ يفتح الأبواب…
منظومة تجعل صوت المواطن يصل قبل أن تصل أيادي المتدخلين.
ولكي تكتمل الصورة، يكفي التذكير بأن القانون 37.10 الخاص بحماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلّغين أصبح هو الآخر ركناً أساسياً في حماية من يقرر كسر جدار الصمت.
هذا يعني ببساطة:
من يبلّغ اليوم… لا يخاف.
ومن يفسد اليوم… عليه أن يخاف أكثر.
الزمن تغيّر. واللعبة تغيّرت.
لم تعد الهواتف وحدها تُصور، ولم يعد الضغط يُمارس في الكواليس، ولم تعد الصفقات تُطبخ في الظلام.
هناك قانون، وهناك حماية، وهناك إرادة رسمية تقول:
بلغ… وخلي الباقي علينا.
لهذا لا تفرحوا كثيراً أيها الفاسدون.
فالمرحلة المقبلة ليست مرحلة الشرح على المقاس، ولا زمن إسكات الملفات.
إنها مرحلة الفضح الممنهج.
نحن سنبلّغ… والوقائع ستُفتح… والملفات ستخرج من أدراج النسيان.
والأهم: لم يعد في المغرب من يستطيع إيقاف صوت الحقيقة حين يتحرر.




