الرادار يلتقط سرعة الدراجات.. وأوزين يلتقط بطء السياسات

21 أغسطس 2025
الرادار يلتقط سرعة الدراجات.. وأوزين يلتقط بطء السياسات

بقلم: غزة مجيد

في المغرب، ليست كل المعارك سياسية، أحياناً تكون دراجة نارية هي التي تفضح عمق الأزمة. قرار الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية القاضي بمصادرة كل دراجة تتجاوز 58 كيلومتراً في الساعة بدا وكأنه تفصيل تقني، لكنه سرعان ما كشف التوتر بين الدولة والمجتمع: بين بيروقراطية تبحث عن أرقام، ومواطن يبحث عن وسيلة عيش وتنقل.

هنا ظهر محمد أوزين. الرجل لم يتردد في الدخول على الخط. لم يناقش الوزير الوصي بلغة محاضر رسمية، بل بلغة السياسة التي تضع المواطن في صلبها. سؤاله البرلماني لم يكن عن بند أو مادة، بل عن المنطق برمته: كيف يعقل أن تُختزل السلامة الطرقية في السرعة وحدها، بينما الدراجات المصنوعة في فرنسا أو اليابان تتجاوز هذا المعدل بشكل طبيعي؟

أوزين ذكّر بأن معايير السلامة ليست مجرد رقم على شاشة رادار، بل منظومة متكاملة: وزن الدراجة، جودة الفرامل، نوعية الخوذة، والبنية التقنية. وإذا كانت هناك مسؤولية، فهي تبدأ من الاستيراد والمطابقة والتوزيع، لا من جيب المواطن البسيط الذي يجد نفسه فجأة متهماً بتعديل لم يقم به.

الخطورة – كما نبه أوزين – أن التطبيق الحرفي لهذه المسطرة يعني حرمان أكثر من مليون مغربي من دراجاتهم النارية، أي من وسيلة التنقل الوحيدة التي تضمن لهم الحد الأدنى من الاستقلالية. قرار كهذا لا يضرب فقط حرية الحركة، بل يثقل كاهل القدرة الشرائية في زمن الغلاء.

من هنا كانت رسالته للحكومة واضحة: إن أردتم سلامة طرقية حقيقية، فلتكن باستراتيجية شمولية تقوم على التكوين، التوعية، والمراقبة التقنية الجادة. أما القرارات المجتزأة، فهي لا تعني سوى معاقبة الضعيف وترك أصل الداء.

أوزين لم يختبئ وراء لغة الخشب، بل رافع باسم الناس. وكأن لسان حاله يقول: السياسة ليست فن إصدار القرارات، بل فن حماية المواطن من قسوة هذه القرارات.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept