زنقة36
في مشهد يختزل الألم الإنساني في أوج قسوته، اهتزّ حي الرياض بمدينة خريبكة، زوال يوم الأحد، على وقع فاجعة إنسانية مؤلمة، بعدما أقدم رجل في ريعان شبابه، يبلغ من العمر 38 سنة، على الانتحار شنقًا داخل منزل كان يقيم فيه مؤقتًا خلال زيارة عائلية.
الضحية، المزداد سنة 1987، متزوج وأب لطفلين، ينحدر من منطقة أيت باها بإقليم اشتوكة آيت باها، وكان يشتغل في قطاع البناء، حيث قادته ظروف الحياة الصعبة إلى التنقل بحثًا عن لقمة العيش. وتشير المعطيات الأولية إلى أن الضحية دخل في دوامة حزن عميق بعد فقدانه لوالده قبل أيام فقط، وهو ما تسبب في تدهور حالته النفسية ودخوله في نوبة اكتئاب حادّة لم يتمكن من تجاوزها.
وفور إشعارها بالواقعة، انتقلت عناصر الشرطة القضائية إلى عين المكان، حيث قامت بمعاينة الجثة وفتحت تحقيقًا تحت إشراف النيابة العامة المختصة بالدائرة الاستئنافية بخريبكة، وذلك لتحديد ملابسات الحادث ودوافعه الدقيقة. وقد جرى نقل جثة الهالك إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي، لإخضاعها للتشريح الطبي تنفيذاً لتعليمات النيابة العامة.
وتسلط هذه الحادثة الأليمة الضوء مجددًا على الوضع النفسي الهش لفئات عريضة من المواطنين، خاصة أولئك المنتمين للطبقات العاملة والمهمشة، الذين يواجهون ضغوطًا حياتية قاهرة في غياب أي مواكبة نفسية أو اجتماعية فعّالة. وهي مناسبة دقّ ناقوس الخطر حول غياب آليات الوقاية والدعم النفسي، وضرورة إدراج الصحة النفسية ضمن أولويات السياسات العمومية.
إن انتحار هذا الأب، الذي لم يكن سوى أحد ضحايا الصمت الثقيل، يطرح أكثر من سؤال حول هشاشة البنية النفسية في ظل الأزمات، ويجعل من الضروري إعادة النظر في مدى توفر وسائل الإنصات، والتكفل النفسي، قبل أن تتحول المآسي الفردية إلى جراح جماعية.